ضربته " والرفع في هذا أقوى منه في قولك: " أعبد الله ضربته "، وهو أيضا قد يجوز).
يعني أن الفعل لم يقم في قولك: " أعبد الله مررت به " على ضمير " عبد الله "، وإنما وقع على الباء، واتصلت الباء بضميره، وكذلك " أعبد الله ضربت أخاه "، وقع الفعل على " الأخ "، واتصل " الأخ " بضميره، وإذا قلت: " أعبد الله ضربته "، فقد وقع الفعل على ضميره، فصار " عبد الله " من الفعل أقرب، والفعل أشد له ملابسة، فيكون النصب فيه أجود، والرفع فيه أضعف منه في قولك: " أعبد الله مررت به "، و " أعبد الله ضربت أخاه " ومع هذا يجوز الرفع في قولك: " أعبد الله ضربته "، كما جاز الابتداء إذا قلت: " أعبد الله ضربته "، وكما جاز فيما بعد الجملة المبنية على فعل في قولك: " ضربت زيدا وعمرو كلمته "، وإنما جاز هذا؛ لأنك تجعل " عبد الله " مبتدأ، وتجعل ما بعده خبرا له، فيصير بمنزلة قولك: " أعبد الله أخوك ".
وقال أبو الحسن: تقول: " أزيدا لم يضربه إلا هو " لا يكون فيه إلا النصب، وإن كانا جميعا من سببه؛ لأن المنصوب ها هنا اسم ليس بمنفصل من الفعل، وإنما يكون الأول على الذي ليس بمنفصل؛ لأن المنفصل يعمل كعمل سائر الأسماء، ويكون هو في مواضعها. وغير المنفصل لا يكون هكذا، وكذلك " أزيد لم يضرب إلا إياه "؛ لأن فعل " زيد " إذا كان مع اسم غير منفصل، لم يتعد إلى " زيد " ولم يتعد فعل " زيد " إليه، ألا ترى أنك لا تقول: " أزيدا ضرب "، وأنت تريد: " زيدا ضرب نفسه " ولا " أزيد ضربه " وأنت تريد أن توقع فعل " زيد " على " الهاء "، و " الهاء " لزيد؛ فلذلك لم يعمل في " زيد ".
قال أبو سعيد: أعلم أن الأخفش ذكر هاتين المسألتين، وبناهما على أصول النحويين وتحتاج إلى شرح وإيضاح، وأنا أذكر ذلك مشروحا إن شاء الله تعالى.
اعلم أن الأفعال المؤثرة إذا وقعت من الفاعل بنفسه لم يجز أن تتعدى ضميره المتصل إلى ضميره المنفصل كقولك: " ضربتني "، ولا " ضربتك "، ولا ما أشبه ذلك، وإنما يقال: " ضربت نفسي " و " شتمت نفسي "، و " أكرمت نفسي " وما أشبه ذلك.
وإنما لم يجز هذا من قبل أن أكثر العادة الجارية من الفاعلين، أنهم يقصدون إلى إيقاع الفعل بغيرهم، فجرت الألفاظ على ذلك، والذي يوقعون به الفعل غيرهم.
وأفعال الإنسان بنفسه هي الأفعال التي لا تتعدى نحو: " قام "، و " ذهب "، و " انطلق "، وما أشبه ذلك، فإذا أوقع الإنسان فعلا بنفسه على سبيل ما يفعله بغيره أجرى