على مثل قولك: " الحسن وجها "، ألا ترى أنك لا تقول: " أنت المائة الواهب " كما تقول: " أنت زيدا ضارب ").
يعني: أن الألف واللام بمعنى الذي فغير جائز أن تعمل " ما " في صلة الألف واللام- فيما قبلهما- كما كان ذلك في " الذي " إذا كانت تجري مجراها.
فإن قال قائل: فقد قال الله تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (1)، فجعل " فيه " من تمام الزاهدين وهي قبلهم، وتقديره: وكانوا فيه من الذين زهدوا.
قيل له: في ذلك جوابان غير الذي ظننت:
أحدهما: أن " يكون " على تقدير: " وكانوا فيه زهادا من الزاهدين " فيكون العامل في " فيه " زهادا، ونابت " من الزاهدين " عنهم ودلت عليهم.
والوجه الثاني: أن يكون " فيه " على التبيين كأنه قال: أعني فيه، فالعامل فيه " أعني "، لا " الزاهدين "، ومثله لبعض العرب:
تقول وصكّت وجهها بيمينها
… أبعلي هذا بالرّحى المتقاعس (2)
فلم يعمل " المتقاعس " في الباء التي في قوله: " بالرحى "؛ لأن " المتقاعس " في صلة الألف واللام، ولكنه على التبيين، كأنه قال: " أبعلي هذا المتقاعس "، ثم بيّن بأي شيء تقاعس، فقال: أعني بالرحى.
ومن النحويين من يجعل الألف واللام في معنى الطرح، فإذا جعلهما كذلك عمل ما بعدهما فيما قبلهما، ولا يجعلهما في معنى " الذي ". والوجه على ما عرّفتك.
ثم وصل سيبويه بكلامه- ما أراد به الفرق- بين ما فيه الألف واللام وبين ما ليستا فيه فقال:
(وتقول: " هذا ضارب "، كما ترى، فيجيء على معنى " هو يضرب "، وهو يعمل في حال حديثك. وتقول: " هذا ضارب " فيجيء على معنى " هذا سيضرب "، فإذا قلت: