واختيار الرفع).
يريد أن المنصوب بالفعل، والمرفوع به يتفقان في الجر إذا أضفت المصدر إليهما، وبيّن بتقديره ما الاختيار فيه النصب وما الاختيار فيه الرفع.
فالذي الاختيار فيه النصب قولك: " عجبت من دفع الناس بعضهم ببعض ". على تقدير: أن دفعت الناس بعضهم ببعض، والذي الاختيار فيه الرفع " سمعت وقع أنيابه بعضها فوق بعض "، على معنى: أن وقعت أنيابه بعضها فوق بعض.
ويجوز أن يكون قوله: " هذا وجه اتفاق الرفع والنصب في هذا الباب، واختيار النصب واختيار الرفع ". للكلام الذي يأتي من بعد، لا ما تقدم.
قال: (وتقول: رأيت متاعك بعضه فوق بعض، إذا جعلت " فوق " في موضع الاسم المبني على المبتدأ، وجعلت الأول مبتدأ، كأنك قلت: رأيت متاعك بعضه أحسن من بعض).
فالرؤية هاهنا تكون من رؤية القلب، ورؤية العين، فإذا كانت من رؤية القلب، فالجملة في موضع المفعول الثاني، وإذا كانت من رؤية العين فالجملة في موضع الحال.
(فإن جعلته حالا بمنزلة قولك: مررت بمتاعك بعضه مطروحا، وبعضه مرفوعا، نصبته لأنك لم تبن عليه شيئا
فتبتدئه).
يعني: إذا جعلت " فوق بعض " في موضع الحال، ولم تجعله خبرا فلا بد من أن يتبع البعض ما قبله، فتنصبه على البدل.
قال: (وإن شئت قلت: رأيت متاعك بعضه أحسن من بعض، فيكون بمنزلة قولك: رأيت بعض متاعك الجيّد، فتوصل إلى مفعولين).
يعني: تجعل " رأيت " من رؤية القلب.
قال: (والرفع في هذا أعرف؛ لأنهم شبهوه بقولك: " رأيت زيدا أبوه أفضل منه "؛ لأنه اسم هو الأول ومن سببه، كما أن هذا له ومن سببه والآخر هو المبتدأ الأول، كما أن الآخر هو المبتدأ الأول).
يعني: أن قولك: " رأيت متاعك بعضه أحسن من بعض " أجود من قولك: رأيت متاعك بعضه أحسن من بعض، وإنما صار الاختيار الرفع؛ لأنك إذا رفعت فلست تنوي اطّراح المتاع، وإبدال غيره منه، ولا ينوى في شيء من الكلام إذا كان مرفوعا تغيير في