ترتيبه ووضعه، وإذا كان منصوبا فقد أبدل الثاني من الأول، واعتمد بالحديث على الثاني.
قال سيبويه: (فمما جاء في الرفع قوله عز وجل: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (1) ولو قال " وجوههم مسودة " لجاز على البدل، والرفع أجود.
قال: (ومما جاء في النصب قول العرب: خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها).
ولو قال: " يداها أطول من رجليها " جاز.
قال: (وحدثنا يونس أن العرب تنشد هذا البيت وهو لعبدة بن الطبيب:
فما كان قيس هلكه هلك واحد
… ولكنه بنيان قوم تهدّما) (2)
فهذا على قوله: خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها، جعل " هلك " الأول بدلا من " قيس "، والثاني خبرا لكان، وعلى الوجه الآخر- وهو الاختيار- هلكه هلك واحد، والهلك الأول ابتداء والثاني خبره، والجملة في موضع خبر " قيس ".
و (قال رجل من خثعم أو بجيلة:
ذرينى إن أمرك لن يطاعا
… وما ألفيتني حلمي مضاعا) (3)
فالحلم بدل من النون والياء.
(وقال الآخر في البدل:
إنّ عليّ الله أن تبايعا
… تؤخذ كرها أو تجيء طائعا) (4)
فأبدل " تؤخذ " من " تبايع "، و " تجيء " عطف على " تؤخذ "، وينبغي أن تعلم أنه ليس في بدل الفعل من الفعل إلا وجه واحد، من أقسام البدل التي ذكرناها في الأسماء، من بدل البعض، وبدل الاشتمال، وبدل الشيء من الشيء وهو هو، لا يبدل الفعل إلا من شيء هو هو في معناه؛ لأنه لا يتبعض، ولا يكون فيه الاشتمال الذي ذكرناه، وصار " تؤخذ كرها أو تجيء طائعا " هو معنى المبايعة؛ لأنها تقع على أحد هذين الوجهين.