سلّ الهموم بكلّ معطي رأسه (1)
ومررت برجل ضارب زيد، فعلم أن الأصل التنوين.
قال: " ولو كان الأصل هاهنا ترك التنوين لما دخله التنوين ".
يعني أن الأصل في اسم الفاعل التنوين، والإضافة دخلت تخفيفا، ولو كان الأصل الإضافة لما نوّنوا؛ لأنهم لا يزيدون على التخفيف فيثقلونه، ويخففون الثقيل، ولو كان الأصل ترك التنوين والإضافة، لما كان أيضا نكرة؛ لأنه مضاف إلى معرفة.
قال: وزعم عيسى أن بعض العرب ينشد:
فألفيته غير مستعتب
… ولا ذاكر الله إلا قليلا (2)
فحذف التنوين لاجتماع الساكنين، ولم يحذفه للإضافة، ولو حذفه للإضافة لقال:
" ولا ذاكر الله إلا قليلا " وهو أجود؛ لأن تحريك التنوين لالتقاء الساكنين أجود من حذفه؛ إذ كان حرفا يحتمل التحريك، والذي يحذفه يشبهه بحروف المد واللين.
قال: وتقول في هذا الباب: " هذا ضارب زيد وعمرو " على العطف والإشراك، ويجوز " ضارب زيد وعمرا " على معنى ويضرب عمرا؛ لأن ضاربا قد دل على يضرب، فحمله على المعنى، ثم احتج للحمل على المعنى بقول الشاعر:
جئني بمثل بني بدر لقومهم
… أو مثل أسرة منظور بن سيّار (3)
يريد أو هات مثل أسرة؛ لأن جئني قد دل عليه.
وقال:
أعنّي بخوّار العنان تخاله
… إذا راح يردي بالمدجّج أحردا
وأبيض مصقول السّطام مهنّدا
… وذا حبك من نسج داود مسردا
فحمل نصب ما في البيت الثاني على المعنى كأنه قال: " أعطني أبيض مصقول السطام ".