وأراد بقوله: " تخاله أحردا " يعني تخال هذا الفرس أحردا من نشاطه ومرحه وخيلائه، والأحرد الذي في يديه استرخاء.
قال: " والنصب في الأول أقوى ".
يعني النصب في " هذا ضارب زيد وعمرا " أحسن وأقوى من النصب في قوله:
" جئني بمثل بني بدر " أو " مثل أسرة " و " أعنّي بخوار العنان " و " أبيض مصقولا "، وذلك أن " ضارب زيد " أصله " ضارب زيدا "، و " جئني بمثل بني بدر " أصله الجر بسبب الباء، فكان النصب فيما أصله النصب أقوى من النصب
فيما أصله الجر، وهو " جئني بمثل بني بدر " وهذا هو معنى قوله: " ولم يدخل الجر على ناصب ولا رافع ".
يعني حرف الجر لم يكن ناصبا ولا رافعا كما كان اسم الفاعل قبل أن يضاف قال:
" وهو على ذلك عربي جيد ".
وأنشد فيه أبياتا ثم بين أن اسم الفاعل الذي في معنى الفعل الماضي لا ينّون وينصب ما بعده به، وقد بينا ذلك، وأجاز في الفعل الماضي: (هذا ضارب عبد الله وزيدا على معنى وضرب زيدا ثم أنشد بيتا في الحمل على المعنى وهو:
يهدي الخميس نجادا في مطالعها
… إمّا المصاع وإمّا ضربة رغب (1)
فحمل " ضربة رغب " على المعنى، وذلك أن معنى قوله: إما المصاع، أي: إما يماصع مصاعا، أي يضارب ويقاتل.
ولو جعل مكان ذلك إما أمره مصاع لكان مستقيما، نائبا عن ذلك المعنى، فحمل " وإما ضربة رغب " على ذلك المعنى، كأنه قال: وإما أمره ضربة رغب، وهي الواسعة.
وقال:
فلم يجدا إلا مناخ مطية
… جافى بها زور نبيل وكلكل (2)
ومفحصها عنها الحصي بجرانها
… ومثنى نواج لم يخنهنّ مفصل
وسمر ظماء وا ترتهنّ بعد ما
… مضت هجعة من آخر الليل ذبّل
الشاهد في الأبيات: رفع " وسمر ظماء "، وما قبلها منصوب بقوله: " فلم يجدا " كأنه