يسميه به غيره.
ووجه ثان: أن الإشارة مبهمة واقعة على كل شيء من حيوان وجماد وإنسان فوجب أن سكن آخر " أولاء "، فالتقى فيه ساكنان، فكسر الثاني منهما لامتناع كسر الأول. فإن قال قائل: ولم وجب بناء هذه الأسماء لمشاكلة الضمير؟
قيل له: إنما وجب بناؤها وبناء الضمير معها لمشاكلتها لحروف المعاني؛ لأنه لا شيء إلا وحروف المعاني داخلة عليه غير ممتنعة في شيء دون شيء، فلما كان الضمير والإشارة داخلين على الأشياء كلها لدخول الحروف عليها، وجب بناؤها.
فإن قال قائل: فأنت قد تقول: " شيء " فيكون واقعا على الأشياء كلها؛ فهذا وجب بناؤه لوقوعها على الأشياء كلها.
قيل له: الجواب عن ذلك أن شيئا هو اسم المسمى لازم له في أحواله كلها، والكناية والإشارة والحروف هي أعراض تعرض في الأشياء كلها، وليس شيء منها إلا يزول فافترق المعنيان وتباين الحكمان، وصار " شيء " للزومه ما سمى به وإن كان عاما كلزوم رجل وفرس وسائر الأشياء المنكورة لما سمي بهن وتصرف في وجوه الإعراب كتصرف الأشياء المنكورة، وأما من قصر فإنه بناء لمثل العلة التي ذكرنا إلا أنه لم يلتق في آخره ساكنان.
وأما من قال: " هؤلاء "، فإنه كان الأصل: هاؤلاء، فها للتنبيه، وأولاء للإشارة، وكثر في كلامهم حتى صار ككلمة واحدة، فخففوه، وقالوا هؤلاء، قال الشاعر:
تجلّد لا يقل هؤلاء هذا
… بكى لما بكى ألما وغيظا (1)
ويقال في واحد " أولاء "، للمذكر: ذا، وللمؤنث: تا، وتي، وذي، وذه. والكلام في بنائهن كالكلام في بناء أولاء.
فإن قال قائل: أخبرونا عن هذه الوجوه التي في المؤنث، هل هي أصول كلها؟ أم بعضها أصول وبعضها فروع؟
فالجواب في ذلك أن: تا، وتي، وذي هي أصول، و " ذه " هاؤها مبدلة من الياء، وهو الشائع من قول أصحابنا، واستدلوا على ذلك بأن قالوا: رأينا التأنيث قد يكون بالياء في