حال، في قولك: اضربي، ولم نر الهاء تكون للتأنيث، فإذا جاءت اللغتان في شيء الهاء والياء فيه، وقد رأينا الياء للتأنيث في أصل، ولم أر الهاء للتأنيث في شيء جعلنا الياء هي الأصل في التأنيث.
فإن قال قائل: فقد رأيناهم جعلوا الهاء للتأنيث في قولهم: قائمة، وشجرة، إذا وقفوا عليها. قيل له: ليست هذه هاء في أصلها وحقيقتها، وإنما تأنيث الاسم بالتاء، وإنما يوقف عليها بالهاء ليفرق بين تأنيث الاسم وتأنيث الفعل، وأيضا فإن هذه الهاء تنقلب تاء في الدرج، والكلام إنما هو في حقيقته على ما يدرج عليه الكلام، ألا ترى أنا نقلب من التنوين ألفا في النصب، وحقيقته تنوين على ما يدرج عليه الكلام.
ويدل على ذلك أيضا أن من العرب قوما وهم من طيئ يقفون على التاء في مثل هذا، فيقولون: شجرت، وحجفت، يريدون: شجرة، وحجفة، فإذا ثنيت شيئا من هذا أدخلت حرف التثنية، وهو ساكن، فاجتمع ساكنان وليس الألف مما تحرك بحال لإبهامها فسقطت، فتقول: ذا، وذان، وتا، وتان، وذي، وتان، وذه، وتان يجتمعن في التثنية على تا وسقط الحرف الأول لاجتماع الساكنين ولأنه مبهم لا يحرك بحال.
فإن قال قائل: فأنتم تقولون: رحا ورحيان، وقفا وقفوان فتقلبون الألف واوا أو ياء في التثنية لاجتماع الساكنين وتحركونها، فهلا فعلتم ذلك في تثنية ذا وتا؟
قيل له: إنما فعل هذا برحا وقفا؛ لأن الألف منهما في موضع حركة، والدليل على ذلك أن مثلهما في الصحيح متحرك كقولهم حمل وجبل وأشباه ذلك.
فإن قال قائل: فأنتم تقولون: حبلى وحبليان وحباري وحباريان، وألف التأنيث لا حركة لها في أصلها فهلا فعلتم في ذلك في تين وذين؟
فالجواب في ذلك أنا رأينا ألف التأنيث في حكم الحركة، ولو كانت متحملة للتحريك لكانت محركة ولم تكن مسكنة كما تسكن المبهمات، والدليل على ذلك أن حمراء وصفراء وخنفساء متحركات الهمزة، وهمزتهن مبدلة من ألفات التأنيث، فلما كان الهمز محتملا للحركة حركته بما كان يستحق الألف من الحركة وليس ذلك في ذين وتين.
فإن قال قائل: فأنتم إذا صغرتم: ذا، وتا، قلتم: ذيا، وتيا، فقلبتم هذه الألف ياء وحركتموها، فهلا فعلتم ذلك في التثنية؟
فإن الجواب في ذلك أن باب التصغير لا يشبه شيئا مما ذكرناه، وذلك أنا إذا