والدليل على أنه لا يصح كذلك أن تقديره: " خمسة " و " عشرة "، فالخمسة ليس بعدها شيء أضيفت إليه، فوجب أن تكون منونة، والعشرة محلها محل الخمسة، فكانت منونة مثلها.
وأيضا فإنا لم نر شيئين جعلا اسما واحدا وهما مضافان، أو أحدهما مضاف، فوجب نصب ما بعدهما للتنوين المقدر فيهما، وإنما جاز نزع الواو، وجعل الاسمين اسما في العدد؛ لأن حكم العدد أن يكون لكل شيء منه لفظ يدل عليه؛ كقولك: ثلاثة وسبعة، وألف، ولو جعلت مكان سبعة " ثلاثة " و " أربعة "، ومكان الألف " مائة " و " تسعمائة " لدل على الألف، ولكن الوجه أن يدل اللفظ جملة على العدد المقصود؛ ولذلك جعلا كاسم واحد؛ لأن ذلك هو الباب وجعل ما بعدهما واحدا منكورا.
أما جعلنا له واحدا؛ فلأنهما قد دلا على مقدار العدد، وبقي الدلالة على النوع، فكان الواحد منه كافيا؛ إذ كان ما قبله قد دل على المقدار والعدد.
وأما جعلنا له منكورا فلأن النكرة شائعة في جنسها، وليست ببعض الجنس أولى منه ببعض، فكانت أشكل بالمعنى الذي أردت له من الدلالة على الجنس، وأدخل فيه من غيرها، فبيّن بها النوع الذي احتيج إلى تبيينه، وذلك قولك: " أحد عشر رجلا " و " خمس عشرة امرأة ".
أما المذكر فإنك تقول: " أحد عشر رجلا واثنا عشر رجلا وثلاثة عشر رجلا إلى " تسعة عشر رجلا " فأما " أحد " فالهمزة فيه منقلبة من الواو وإنما هو من " وحد "، و " واحد " فاعل منه، وتصرّفه فتقول: " توحّد " كما تقول: " توكّل "، وقلما تبدل الهمزة من الواو المفتوحة، وإنما سمع في هذا الحرف الواحد، وفي قولهم: " امرأة أناة " في معنى: وناة، إذا كانت ساكنة رزانا، وقالوا " أخذ " فزعم بعضهم أن الأصل: " وخذ "، ولذلك قالوا:
" اتخذ " كما قالوا " اتعد " ولو كان الأصل من الهمزة لقالوا: " ايتخذ " كما قالوا: " ايتمن " و " ايتسى " من الأمانة والأسوة. وكان " اتخذ " من " وخذ " كما قيل في " وعد ": " اتعد ". وقد ذكرنا الكلام على " اتخذ " في باب الإدغام مستقصى، وسنقف عليه إن شاء الله تعالى.
فإن قال قائل: فإذا زعمتم أن النيّف مبنيّ مع العشرة، فلم قلتم في حال الرفع: " اثنا عشر "، وفي حال النصب والجر " اثني عشر "، والمبني لا يتغير؟ فالجواب في ذلك: أن قولنا: " اثنان " إعرابه قبل آخره؛ فإذا أضفناه جعلناه مع غيره اسما واحدا، وحل ذلك