وقال الحطيئة:
وشرّ المنايا ميّت بين أهله
… كهلك الفتى قد أسلم الحيّ حاضره (1)
يريد: وشر المنايا منية ميّت بين أهله، كموت الفتى، وقد أسلم الحيّ حاضره، والحيّ هو الفتى، قد أسلمه الحاضرون له من أهله؛ لأنهم لا حيلة لهم في دفع المرض والموت عنه.
وقال النابغة الجعدي:
وكيف تواصل من أصبحت
… خلالته كأبي مرحب (2)
يريد كخلالة أبي مرحب، وهي صداقته.
هذا باب وقوع الأسماء ظروفا(وتسمى هذه الأسماء الظروف العليا وتصحيح اللفظ على المعنى، فمن ذلك قولك: " متى يسار عليه "؟ وهو يجعله ظرفا، فيقول: اليوم، أو غدا، أو بعد غد، أو يوم الجمعة).
يعني إذا جعل السائل " متى " ظرفا، وقدّره نصبا، وجعل الذي يقوم مقام الفاعل حرف الجر، أو مصدرا مضمرا في " يسار " وجب أن تنصب الجواب إذا اخترت أن تكون على حد السؤال، وقد مضى هذا.
قال: (وتقول: متى سير عليه؟ فيقول: " أمس "، أو " أول من أمس "، فيكون ظرفا، على أنه كان السير في ساعة دون ساعات، أو حين دون سائر أحيان اليوم، ويكون أيضا على أنه يكون السير في اليوم كله).
اعلم أن الظروف تنقسم قسمين: أحدهما يتضمن أجزاءه كلها الفعل، والآخر يتضمن جزءا منه الفعل، واللفظ يجري على كلّ.
فالذي يتضمن أجزاءه كلها الفعل قولك: " صمت اليوم " فلا يجوز أن يكون جزء من اليوم، لم يكن فيه صوم، وكذلك قولك: " لم أكلّم فلانا اليوم " لا يجوز أن تكون كلمته في جزء منه، وقد جعلت " اليوم " ظرفا لترك كلامه، ألا ترى أن رجلا لو قال: