" والله لا كلّمتك اليوم " ثم كلمه في جزء منه حنث.
وأما ما يكون العمل في بعضه فقولك: " صحت اليوم وتحكّمت يوم الجمعة " وقد أحاط العلم بأنه لا يكون صياحه متصلا بلا فتور ولا مراوحة، وإنما ذلك على ما يعتاد من عادة الناس في الأفعال التي تتصل والتي تنقطع، فإذا كان الفعل قد يكون متصلا في حال، ومتقطعا في حال كالسير وما أشبه ذلك، وجاز أن تنوي الاتصال، فتجعله في الظرف كله، وجاز أن تنوي الانقطاع فتجعله في بعض الظرف، وسواء في ذلك أن تنصب الظرف أو ترفعه، فتقيمه مقام الفاعل.
قال: " ومن ذلك الليلة الهلال، وإنما الهلال في بعض الليلة، وتقديره:
الليلة ليلة الهلال " فجعل هذا شاهدا لقولك: " سير عليه اليوم " والسير في بعضه.
قال (ومما لا يكون العمل فيه من الظروف إلا متصلا في الظرف كله قولك:
" سير عليه الليل والنهار والدهر والأبد " وهذا جواب لقوله كم سير عليه؟ إذا جعله ظرفا).
قال أبو سعيد: اعلم أن " كم " استفهام عن كل مقدار من عدد وغيره، في الأنواع كلها، زمانا كان أو مكانا أو غيرهما، وليس يختص بنوع دون نوع، و " متى " استفهام عن الزمان فقط، فإذا أوقعت " كم " استفهاما عن الزمان، كان
القصد فيها المسألة عن مقداره أو عدده، و " متى " استفهام عن الزمان فقط من غير اقتضاء مقدار أو عدد، فإذا أجبت عن " متى " فحكم الجواب أن يكون واقعا على زمان بعينه، غير متضمن لعدد، كقول القائل:
" متى سير بزيد " فيقال: " يوم الجمعة "؛ لأن مسألته وقعت لتعرف الزمان بعينه، لا لتعرف كميته.
ولا يجوز أن تقول: " يومان "؛ لأن قوله: " يومان " إجابة عن كمية، ولا يعرف السائل الوقت الذي سار فيه بعينه، ولو قرّبه من المعرفة فقال: " يوم سار فلانّ " أو " يوم كان المطر " لجاز وحسن، ولو قال: متى سير عليه؟ فقال: " أيام الصّرام " لجاز، وإن كانت أيام الصّرام فيها عدد؛ لأن القصد منها إلى تعيين وقت لا إلى عدد الأيام؛ لأن أيام الصّرام قد جعلت لوقت واحد يعرف بهذا اللفظ، كما يعرف يوم الجمعة بهذا اللفظ.
وأما " كم " فقد يكون جوابها معرفة ونكرة، وأيتهما كانت جوابا لها، فالفعل واقع