الجمعة في هذه الساعة "، فتأتي بهما جميعا، وكذلك تحذفها عنهما، فيصيران ظرفين.
وإن شئت رفعتهما جميعا، فتبدل: " غدوة " من يوم الجمعة.
وإن قدمت " غدوة " جازت فيهما هذه الوجوه إلا رفعها، فإنه غير جائز أن تقول:
" سير عليه غدوة يوم الجمعة "؛ لأنه لا يجوز أن تبدل " اليوم " من غدوة؛ لأن الكل لا يبدل من البعض، وإنما يبدل البعض من الكلّ.
قال: وتقول: " إذا كان غد فأتني، وإذا كان يوم الجمعة فالقني ".
فالفعل لغد ويوم الجمعة، و " كان " في معنى وقع وحدث، وكأنه قال: إذا جاء غد فالقني.
قال: " ومن العرب من يقول: إذا كان غدا فالقني، وهم بنو تميم ".
وإنما نصبوا بإضمار فعل كأنهم قالوا: إذا كان ما نحن عليه من السلامة أو من الحال التي هم عليها، والمعنى فيه إذا لم يحدث لك مانع أو حال تعذر في التخلف لحدوثها فالقني، فهذا جائز، والمعنى فيه مفهوم؛ وذلك أن مواعيد الناس إنما تقع على بقاء الأحوال التي هم عليها، ألا ترى أن رجلا لو قال لآخر: إني آتيك في غد مسلّما أو زائرا، ومنزله عنه شاسع، ثم مطروا في غد مطرا عظيما، يشق فيه تجشم الزيارة، كان معذورا في ترك الزيارة، ولم ينسب إلى جملة المتخلفين الكذابين؛ لأن وعده كان معلّقا بسلامة الأحوال، وإن لم يكن ملفوظا به.
قال سيبويه: " وحذفوا كما قالوا: حينئذ الآن "
يريد حذفوا المرفوع ب " كان " في قولهم: " إذا كان غدا فأتني "، والمرفوع به " ما نحن عليه من السلامة " أو غيرها، كما حذفوا " في حينئذ الآن " والذي حذفوه: كان هذا حينئذ وأسمع إليّ الآن، كما قال: " تالله ما رأيت كاليوم رجلا "، أراد: " ما رأيت رجلا كرجل أراه اليوم "، ثم أضاف الرجل المرئيّ في اليوم إلى اليوم، فصار التقدير: " ما رأيت رجلا كرجل اليوم " ثم حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، فصار التقدير ما رأيت رجلا كاليوم، ثم أخّره في اللفظ.
ومما حذف قولهم: " لا عليك "، وقد علم المخاطب أنه يعني لا بأس عليك. قال:
" وتقول: " إذا كان غدا فأتني "، كأنه ذكر أمرا إما خصومة وإما صلحا، فقال: " إذا كان غدا فأتني " فهذا جائز في كل فعل.