متكنفي جنبي عكاظ كليهما
… يدعو وليدهم بها عرعار (1)
فإن قال قائل: أخبرونا عن فعال هذه أهي اسم أم غير اسم؟ قيل له: هي عندنا اسم معرفة مؤنث، والدليل على أنها اسم أنه ليس في أبنية الأفعال مثله؛ لأنه ليس أبنية الأفعال فعال وهو في الأسماء كثير، ومع ذلك فإن زهيرا جعلها فاعلة وأنثها بقوله:
" دعيت نزال "، وذلك لا يكون إلا في الأسماء والدليل على أنها معرفة أنك لو قلت دعيت نزال فإنما يراد انزل أو انزلوا، وهذا اللفظ هو معروف لا ينكر، وقد ذكر بعض النحويين أن فعال في معنى افعل لا تكون مطردة في الأفعال الثلاثية كلها وكما لا يطرد في الأفعال الرباعية كلها إنما يقال من ذلك ما قالته العرب حسب، فلا يقال قوام
في معنى قم ولا قعاد في معنى اقعد، ومع ذلك فإن فعال اسم وضعته العرب موضع افعل وليس لأحد أن يبتدع اسما لم تقله العرب ولا تكلمت به، وذهب سيبويه في الفصل بين الثلاثي والرباعي إلى أن فعال في الثلاثي قد كثر في كلامهم جدا واستمر ولم يسمع من الرباعي إلا في الحرفين اللذين ذكرناهما أو غيرهما من القليل الشاذ النادر، وإنما يعرف استمرار الشيء واطراده في القياس بكثرته على منهاج واحد فلما كثر ذلك في الثلاثي على المنهاج الذي ذكرناه جعله أصلا وقاس عليه.
وأما القسم الثاني من فعال إذا كانت في معنى المصدر فليست تكون مبنية إلا أن تكون معرفة مؤنثة معدولة. وذلك نحو فجار وبداد. قلنا فجار فكأنا أردنا الفجرة والفجرة مؤنثة معرفة وفجار معدولة عنها واجتمع فيها العدل والتأنيث والتعريف، فزعم سيبويه أن الذي أوجب بناءها مشابهتها لفعال التي تقع في الأمر ومشابهتها إياها أنهما معرفتان مؤنثتان.
وزعم أبو العباس أن الذي أوجب بناءها أنها لو كانت مؤنثة معرفة غير معدولة لكان حكمها أن لا تصرف فلما عدلت زادها العدل ثقلا فلم يبق بعد منع الصرف إلا البناء فبقيت لذلك، وهذا قول مدخول من قبل أن الشيء إذا اجتمع فيه علتان يمنعان الصرف أو ثلاث وأربع كانت القصة واحدة في منع الصرف حسب، فلا يجاوز به اجتماع العلل إلى البناء: لأن البناء يقع بمشاكلة الحروف ومناسبتها والوقوع موقعها ومنع