استعمالهم له وصيروا لفظه نائبا عن المضمر كحذفهم " حينئذ الآن ".
قولهم: حينئذ الآن كلام جرى للعرب محذوفا من حينئذ ومن الآن، ومعنى ذلك:
أن ذاكرا ذكر شيئا فيما مضى يستدعي مثله في الحال فقال له المخاطب: حينئذ الآن معناه: كان هذا الذي ذكرت حينئذ في الوقت الذي ذكرت واسمع الآن غير ذلك أو نحوه من التقدير، ولا يستعملون الفعل الذي حذف، وكذلك لا يستعملون الفعل الناصب لإيّاك.
قال: وإذا قلت: إياك والأسد فلا بدّ من الواو لأنه اسم مضموم إلى آخر. يعني معطوف عليه.
فإن قال قائل: فقد تقول: إياك من الأسد وإيّاك من الشرّ فلم لا يجوز حذف حرف الجر وإيصال الفعل إلى الأسد وإلى الشرّ؟ فيقال: إيّاك الأسد وإياك الشرّ.
قيل له: لأن حروف الجر لا تحذف إلّا في المواضع التي حذفتها العرب فيها، ألا ترى أنك تقول: أخذت من زيد درهما، ولا يجوز أخذت زيدا درهما، وتقول: اخترت من الرجال زيدا وتحذف " من " فتقول اخترت الرجال زيدا، لأن العرب قد استعملت ذلك، قال الله عز وجلّ: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا (1).
وكان ابن أبي إسحاق يجيز حذف من فيقول: إياك الشرّ في الشعر وأنشد:
فإيّاك إياك المراء فإنّه
… إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب (2)
قال سيبويه: (المراء منصوب بفعل غير الفعل الذي نصب إياك، كأنه لما قال:
إياك اكتفى ثم أضمر فعلا آخر نصب به المراء كأنه قال: اتق المراء، وإذا قال: إياك وأن تكلم زيدا جاز أن تقول: إياك أن تكلم زيدا بغير واو ولا حرف جر، وإنّما جاز هذا في " أنّ " لأنّ " أن " الخفيفة والمشددة إذا اتصلت بهما
حروف الجر جاز حذفها كقولك: أنا راغب في أن ألقاك وحريص على أن أحسن إليك، ولو قلت: أنا راغب أن ألقاك وحريص أن أحسن إليك جاز، ولو جعلت مكان أن المصدر فقلت أنا راغب في لقائك حريص على الإحسان إليك لم يجز حذف حرف الجر، لا يجوز: أنا راغب