واستوى الماء والخشبة، وجاء البرد والطيالسة، أي: مع الطيالسة، قال الشاعر:
كونوا أنتم وبني أبيكم
… مكان الكليتين من الطّحال (1)
وقال آخر:
وكان وإيّاها كحرّان لم يفق
… عن الماء إذا لاقاه حتّى تقدّدا (2)
ويدلك على أن الاسم ليس على الفعل في صنعت أنك لو قلت: اقعد وأخوك.
كان قبيحا حتى تقول: اقعد أنت وأخوك؛ لأنه قبيح أن تعطف على المرفوع المضمر، فإذا قلت: ما صنعت أنت، ولو تركت هي فأنت بالخيار، إن شئت حملت الآخر على ما حملت عليه الأول، وإن شئت حملته على المعنى الأول).
قال أبو سعيد- رحمه الله-: هذا آخر الباب وهو كلام سيبويه- رحمه الله-، ومذهبه أنك إذا قلت: ما صنعت وأباك، أن الأب منصوب بصنعت، وكذلك فصيلها منصوب بتركت، وكان الأصل فيها ما صنعت مع أبيك، ولو تركت الناقة مع فصيلها، ومعنى مع الواو يتقاربان لأنّ معنى " مع ": الاجتماع والانضمام، والواو تجمع ما قبلها مع ما بعدها وتضمه إليه، فأقاموا الواو مقام " مع " لأنها أخفّ في اللفظ، والواو حرف لا يقع عليه الفعل ولا يعمل في موضعه، فجعلوا الإعراب الذي كان في " مع " من النصب في الاسم الذي بعد الواو لمّا لم تكن الواو معربة ولا في
موضع معرب، كما قالوا: ما قام أحد إلّا زيد، وقام القوم إلّا زيدا، فإذا جئت ب " غير " أعربتها بإعراب الاسم الذي يقع بعد " إلّا "، فقلت:
ما قام أحد غير زيد، وجاءني القوم غير زيد، فإذا جعلوا " إلّا " مكان " غير " تجاوز الإعراب الذي كان في " غير " إلى ما بعد " إلّا "، لأنّها حرف غير عامل، وكذلك الكلام في ما زلت وزيدا إذا كان الحرف الذي يتصل بالفعل عاملا في الاسم الذي بعده منع من تجاوز الفعل إلى غيره كقولك:
ما زلت بزيد، فتعمل الباء في زيد، والباء في موضع نصب، فإذا قلت: ما زلت