قال: (وأما قوله، وهو الفرزدق:
ألم ترني عاهدت ربّي وأنّني
… لبين رتاج قائما ومقام
على حلفة لا أشتم الدّهر مسلما
… ولا خارجا من فيّ زور كلام) (1)
قال سيبويه: (أراد ولا تخرج فيّ ما استقبل كأنّه قال: ولا تخرج خروجا. ألا تراه ذكر عاهدت في البيت الذي قبله).
قال: (ولو حملته على أنّه نفى شيئا هو فيه ولم يرد أن يحمل على عاهدت لجاز، وإلى هذا الوجه كان يذهب عيسى بن عمر فيما نرى؛ لأنه لم يكن يحمله على عاهدت).
قال أبو سعيد: فسّر أبو العباس وأبو إسحاق الزجاج في هذين البيتين قول سيبويه وقول عيسى بن عمر:
فإما قول سيبويه فإنه جعل لا أشتم جواب يمين إمّا أن يكون جواب حلفة كأنه قال: عاهدت ربي على أن أقسمت، وعلى أن حلفت لا أشتم الدّهر مسلما، أو يكون عاهدت بمعنى: أقسمت، كأنّه قال: ألم ترني أقسمت.
ويكون خارجا في معنى ويكون التقدير: ولا يخرج خروجا عطفا على أشتم، وجعل خارجا في معنى خروجا.
قال أبو العبّاس: ومثله: قم قائما، أي: قم قياما، ومثله من المصادر: العاقبة والعافية، فهو على لفظ فاعل.
وفسّرا قول عيسى إنّ خارجا حال، وإذا كان حالا فهو عطف على ما قبله، وإذا كان كذلك وجب أن يجعل الفعل في موضع الحال؛ فكأنه قال: لا شاتما مسلما ولا خارجا من فيّ زور كلام، والفعل المستقبل يكون في موضع الحال كقولك: جاءني زيد يضحك، أي: ضاحكا.
وجعلا العامل في الحال على مذهب عيسى بن عمر عاهدت؛ كأنه قال: عاهدت ربي لا شاتما الدهر مسلما، فالمعنى: موجبا على نفسي ذلك ومقدّرا ألا أفعله، فهذا معنى