تنصبها، والعرب تقول: سبّح، ولبّى، وأفّف.
قيل له: أمّا قولهم: سبّح، ولبّى، وأفّف، معناه: قال: سبحان الله، ولبّيك، وأفّة فبنيت هذه الأفعال من هذه الألفاظ بعد استعمالها، كما يقال: دعدع الرجل بغنمه إذا قال لها: داع داع، وهو تصويت بها كما قال:
فانعق ودعدعا بالبهائم (1)
كقوله: بأبأ الرجل بفلان، إذا قال له: بأبي أنت، قال الراجز:
وأن تبأبآن وأن تفدّين (2)
وقولهم: هلّل الرجل إذا قال: لا إله إلا الله، وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وبسمل إذا قال: بسم الله، وقد علمنا أنّ لا إله إلا الله ليس بفعل ولا بمصدر لفعل، وإن كنا نأخذ منه فعلا، وكذلك سائر ما ذكرناه فاعرفه إن شاء الله.
هذا باب ما ينتصب فيه المصدر المشبّه به على إضمار الفعل المتروك إظهاره(وذلك قولك: مررت به فإذا له صوت صوت حمار، ومررت به فإذا له صراخ صراخ الثكلى، قال النابغة الذبيانّي:
مقذوفة بدخيس النّحض بازلها
… له صريف صريف القعو بالمسد (3)
وقال آخر:
لها بعد إسناد الكليم وهدئه
… ورنّة من يبكي إذا كان باكيا
هدير هدير الثور ينفض رأسه
… يذبّ بروقيه الكلاب الضّواريا) (4)
يصف طعنة لها خرير مما يجري من دمها؛ فقال: لها بعد إسناد الكليم، وهدئه هدو فيه أو هو المطعون، وإسناده أن يسند، وهدؤه وهديه: هدوءه وبكاء من يبكي عليه هدير