كما جاز لك أن تقول: ما أنت إلا سير).
قال أبو سعيد: يريد أن جوازه على إضمار " مثل " كإضمارك في وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (1) على معنى أهل القرية، وكإضمارك وما أنت إلا سير، أي إلا صاحب سير.
فمن اختار: ما أنت إلا سيرا، اختار له صوت صوت حمار، ومن اختار الرفع في ذلك اختار الرفع في هذا.
(ولو قلت: له صوت أيّما صوت، وله صوت مثل صوت الحمار، أو له صوت صوتا حسنا جاز، وإنما جاز هذا على الحال، أو على المصدر بإضمار فعل؛ لأنّ في قوله: له صوت دلالة على التصويت، فأجاز الخليل النصب لهذا المعنى، ويقوّي ذلك أنّ يونس وعيسى جميعا زعما أن رؤبة بن العجاج كان ينشد هذا البيت:
فيها ازدهاف أيّما ازدهاف
وفي كتاب أبي بكر مبرمان مفسّر في الحاشية؛ الازدهاف: العجلة، وليس كذلك، قال رؤبة يخاطب أباه ويعاتبه في قصيدة فيها:
أقحمتني في النفنف النّفناف
… في هول مهوى هوّة الرصّاف (2)
قولك أقوالا مع التّحلاف
… فيها ازدهاف أيّما ازدهاف
وفسّر الازدهاف: الشّدّة والأذى، وحقيقته: استطارة القلب أو العقل من شدة الجزع أو الحزن.
قال الشاعر:
ترتاع من نفرتي حتّى تخيّلها
… جون السّراة تولّى وهو مزدهف (3)
وقالت امرأة من العرب:
بل من أحسّ بنيّ اللذين هما
… قلبي وعقلي فعقلي اليوم مزدهف (4)