ونصب أيّما على تقدير تزدهف أيّما ازدهاف، لأنّ له ازدهاف قد دلّ على ذلك وصار بدلا من اللفظ بالفعل.
هذا باب ما الرفع فيه الوجه(وذلك قولك: هذا صوت صوت حمار لأنك لم تذكر فاعلا لأنّ الآخر هو الأول حيث قلت: " هذا "، فالصوت هو " هذا " ثم قلت: صوت حمار؛ لأنك لم تشبّه وجعلته هو صوت الحمار لمّا سمعت نهاقا، فلا شك في رفعه وإن شبّهت أيضا فهو رفع؛ لأنك لم تذكر فاعلا يفعله وإنما ذكرت ابتداءه كما تبتدئ الأسماء فقلت " هذا " ثمّ بنيت عليه شيئا هو هو فصار كقولك هذا رجل رجل حرب).
وليس هذا كقولك: له صوت؛ لأنّ اللام دخلت على فاعل الصوت، كأنك قلت:
لزيد صوت، ودل ذلك على أنه يصوّت أو قد صوّت، وقولك: هذا صوت صوت حمار، كقولك: هذا رأس رأس حمار، وهذا رجل أخو حرب إذا أردت الشبه؛ لأنه قام مقام مثل وهو مرفوع.
(ومن ذلك: عليه نوح نوح الحمام والاختيار فيه الرفع؛ لأنك لم تذكر الفاعل للنوع فتدل بذكره على الفعل فتنصب).
قال أبو سعيد: الفرق بين " هذا " وبين " له صوت " أن الذي له الصوت فاعل الصوت، والذي عليه النّوح ليس بفاعل للنّوح.
وقولك: نوح الحمام ليس بصفة لنوح، لأنه معرفة ونوح نكرة، وإنما هو بدل، أو على إضمار هو، وقد مضى نحو هذا.
وإذا قلت لهنّ نوح نوح الحمام وأنت تعني النوائح كان الوجه النصب؛ لأنّهنّ الفاعلات، كما كان في قولك له صوت صوت الحمار، وإنما قولك عليه نوح أنه موضع للنّوح الذي ناحه غيره.
قال سيبويه: (ولو نصبت لكان وجها؛ لأنّه إذا قال: هذا صوت وهذا نوح فقد أحاط العلم أن مع الصوت والنّوح فاعلين فتجعله على المعنى) كما قال: