قد سالم الحيات منه القدما
… الأفعوان والشّجاع الشّجعما (1)
قال أبو سعيد: الشاهد: أنّه رفع الحيّات بسالم، ونصب القدم لأنّه مفعول سالم، والأفعوان وما بعده هنّ الحيات فنصبها وحقّها الرفع بالبدل من الحيات فحمل نصبهنّ على المعنى، وذلك أن سالم وباب فاعل حقّه أن يكون من اثنين كلّ واحد منهما يفعل بصاحبه مثل الذي يفعله صاحبه به، فلما قال: سالم الحيات القدم دلّ على أن القدم مسالمتها فأضمر مسالمة القدم للأفعوان؛ فكأنه قال: سالمت القدم الأفعوان.
وكان الفرّاء ينشد " الحيّات " منصوبا بكسر التاء ويجعل القدم تثنية، أراد: القدمان وحذف النون للضرورة كما قال:
أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا
… قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا (2)
وقال تأبّط شرّا:
هما خطّتا إمّا إسار ومنّة
… وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر (3)
أراد " خطّتان "، ورأيت من روى: " هما خطتا إما إسار ومنّة " بخفض إسار ويجعل خطتا مضافا إلى إسار.
ومما حمل على المعنى قوله:
ليبك يزيد ضارع لخصومة
… ومختبط مما تطيح الطوائح (4)
رفع يزيد بما لم يسمّ فاعله، ثم رفع ضارعا على المعنى؛ لأنه لما قال: ليبك علم أنّ باكيا يبكيه فأضمر ليبكه ضارع، ومثله في بعض القراءات:
وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ (5) كأنه قال: زيّنه