وعلة أخرى وهو أن المبني الذي لا يكون متمكنا بحال لما كان لا يوجد إلا ثقيلا أعطوه أخف ما يقع في النطق وهو السكون، ولما كان المتمكن الذي يبنى في حال قد يوجد خفيفا ويقع المواقع التي لا يستثقل فيها لم يستثقلوها حين بنائه إذ كانت حالا عارضة، وليس العارض كالراتب الذي لا يزول، وسنبين الأسماء التي حكمها البناء على حركة.
قال سيبويه: " فالمضارع من عل حركوه لأنهم يقولون من عل ".
قال أبو سعيد: اعلم أن " عل " إذا قلت: " جئته من عل " معناه من فوق، قال الفرزدق:
ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة
… وأتيت فوق بني كليب من عل (1)
وفيه لغات: يقال جئتك من عل يا هذا، ومن عل، ومن علو، ومن علو، ومن علو، قال الشاعر:
إني أتتني لسان لا أسرّ بها
… من علو لا عجب منها ولا سخر (2)
ومن علا، قال الراجز:
فهي تنوش الحوض نوشا من علا
… نوشا به تقطع أجواز الفلا (3)
وجئتك من عال ومن عال كما قال:
قباء من تحت وريّا من عال (4)
ويروى: تظمأ من تحت وتروى من عال. ومعنى هذه الألفاظ كلها واحد وهي فوق.
وفوق لا بد أن يكون مضافا إلى شيء: إما ظاهر، وإما باطن مقدر، وكذلك الألفاظ التي في معناها، فوجب أن تكون عل وعل وما ذكرنا بعدهما في تقدير الإضافة، فإذا حذفت المضاف إليه لم يخل من أن يكون معرفة أو نكرة، فإن كان المحذوف نكرة