تنكر عل وما كان في معناه ونوّن، وإن كان معرفة بني لأنه بمنزلة اسم قد اكتفى ببعضه إذ كان المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، وأدّى عن معنى الإضافة، فإذا كان عل في تقدير مضاف إلى معرفة كان مبنيا على الضم، وإن كان في تقدير مضاف إلى منكور كان معربا كما ذكرنا في فوق بما يوجب ذلك من العلل.
فإن قال قائل: فما معنى قول سيبويه: ولا ما ضارع المتمكن، وهو يعني:
مضارعة " عل " هذا " لعل " المنكور المنون، ولا يقال إن الشيء يضارع كما لا يقال: إن زيدا في حال النداء إذا
قلت: " يا زيد "، قد ضارع زيدا في حال الإعراب، إذا لم تكن منادى؟
قيل له: معنى مضارعة " عل " لعل هو أنهما يقعان بمعنى واحد على تقديرين مختلفين؛ فكل واحد منهما مضارع للآخر لاشتراكهما في معناهما واختلافهما في تقديرهما وحركاتهما، كما يكون المبتدأ مضارعا للفاعل في أنّ معناهما سواء وإن كان عاملاهما مختلفين.
فإن قال قائل: وكيف يستوي معناهما على اختلاف تقديرهما، وأحدهما معرفة والآخر نكرة؟
قيل له: هذا جائز وله نظائر في العربية، منها أن " غدا " منكور ويعرف به اليوم والذي يلي يومك حتى لا يظن السامع غيره، وكذلك أسماء ساعات اليوم، نحو " عتمة " " وعشيّة " متى ما ذكرت شيئا منها كان المعنى مصروفا إلى يومك دون سائر الأيام فإن كن نكرات فيستوي في فهم المخاطب " آتيك غدا "، و " آتيك الغد "، " وآتيك العشيء " " وآتيك عشيا "، وكذلك " عتمة " وإن كان تقديرهما مختلفا، وكذلك القول في " عل " فاعرف ذلك إن شاء الله.
قال سيبويه: " فالمضارع من عل حرّكوه؛ لأنهم يقولون من عل فيجرّونه "، وقد مرّ تفسيره، وقول: فيجرّونه، أي فينونونه ويصرفونه.
قال: " وأما المتمكن الذي جعل بمنزلة غير المتمكن في موضع قولهم أبدا بهذا أوّل ويا حكم ".
قال أبو سعيد: اعلم أنّ ما كان متمكنا في حال ثم دخلته علة أوجبت له البناء هو الأسماء المفردة المناداة؛ كقولك " يا زيد " و " يا حكم " والغايات التي تكون معربة في