حال الإضافة والتنكير وتكون مبنية في غير ذلك، نحو " قبل " و " بعد "، و " أبدأ بهذا أوّل " فأمّا الغايات فقد أحكمنا شرحها وأبنّا عن عللها بما أغنى إعادته.
فأما الاسم المنادى المفرد المعرفة فإنه يستحق البناء على حركة، ويجب أن تكون تلك الحركة ضمة. فأما الدليل على أنه يجب بناؤه فهو أنّ المنادى مخاطب، والنداء حال خطاب، والدليل على ذلك أنّ رجلا لو قال: " والله لا خاطبت زيدا "، ثم قال له " يا زيد "، كان حانثا وكان هذا منه خطابا، وأسماء المخاطب تقع مكنية في الخطاب، فكان ينبغي أن يكون مكان الاسم المنادى مكنيّ، غير أن المنادي إذا أراد أن ينادي واحدا من جماعة ليعطفه عليه حتى يصغي إليه، فلابد من ذكر اسمه الظاهر الذي يخصه دون غيره، إذ كانت الكنايات يشترك هو فيها والذي معه فلما احتيج إلى الاسم الظاهر لهذه الضرورة التي ذكرنا؛ وكان الموضع موضع كناية وجب أن يبنى لما صار إليه من مشاركة المكني الذي يجب بناؤه؛ لأن الأسماء إنما تبنى على حسب وقوعها موقع المبينات، والدليل على ذلك أن
من العرب من ينادي صاحبه إذا كان مقبلا عليه أو ذكر من حاله ما لا يلتبس نداؤه بالمكني بغيره، فيكنى عن اسمه الظاهر فيقول: " يا أنت " و " يا إياك "، قال الشاعر أنشده أبو زيد:
يا مرّ يا ابن واقع يا أنتا
… أنت الذي طلّقت عام جعتا (1)
فقد ناداه: " يا أنت "، وقد أنكر الأصمعي ذلك، وفسّر معنى البيت على غير هذا التفسير، فقال: إنما أراد " يا " التي تقع في صدر الكلام للتنبيه، وكان تقديره: " يا مر يا ابن واقع أنت الذي طلقت "، و " يا " زائدة ومثله أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ (2) وقال الشاعر:
يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي
… بسمسم وعن يمين سمسم (3)
ومثله:
يا لعنة الله على أهل الرّقم
… أهل الحمير والوقير والخزم (4)
ولم يناد اللعنة، ولو ناداها نصبها. والشواهد في هذا كثيرة.