عمرو وفوق عمرو.
قال: (وتقول: كيف أنت إذا أقبل قبلك، ونحي نحوك، كأنه قال: أنت إذا أريدت ناحيتك)، فإنه جعل قبلا ونحوا وناحية أسماء، وأقامها مقام الفاعل، وكذلك قوله: (كيف أنت إذا أقبل النقب الرّكاب)، لأن الركاب: اسم للإبل، وقد أقامه مقام الفاعل في أقبل، ونصب النقب وهو طريق في الجبل، فشبه قبلك ونحوك وناحيتك بالركاب في إقامته مقام الفاعل، فإن كانت هذه الأسماء تكون ظرفا في حال، والركاب لا تكون ظرفا.
وقوله: (وزعم الخليل أن النصب جيد إذا جعله ظرفا، وهو بمنزلة قول العرب: هو قريب منك، وقريبا منك، أي: مكانا قريبا منك، وحدثنا يونس: أن العرب تقول: هل قريبا منك أحد، كقولك: هل قربك أحد؟) فإن سأل سائل كيف حسن رفع هذه الظروف، ولم يحسن رفع خلف وقدام ونحوها إلّا في شعر؟
قيل له: لأن هذه الجهات المحيطة قد كثر استعمالها ظرفا، فقويت في الظرفية أكثر من قوة غيرها من أسماء الجهات، فكذلك بعد الرفع منها، وقوله:
(وأما دونك فإنه لا يرفع أبدا)، وذكر الفصل.
قال أبو سعيد وذكر سيبويه " دون " في معنيين، أحدهما: أن تكون ظرفا ولا يجوز فيه غير النصب، وإنما يستعمل في معنى المكان تشبيها، فيقال: زيد دون عمرو في العلم والشرف ونحوه، كأن هذه المناقب منازل يعلو بعضها بعضا، كالأماكن التي بعضها أعلى من بعض، ثم جعل بعض الناس في موضع من الشرف أو من العلم، وجعل غيره أسفل من موضعه.
وقد أنشد في كتاب سيبويه بيتان ليسا من الكتاب في رفع دون، أحدهما:
أراها يحسن الآل مرة
… فتبدو وأخرى يكتسي الآل دونها (1)
أنشده ناقصا.
والآخر:
وعيرا تحمي دونها ما وراءها
… ولا يحيطها الدهر إلا المخاطر (2)