كاتساع خلف وقدام لأنها لم تقع على موضع يتسع، وإنما وقعت على موضع يقرب، وعرفت بما أضيفت إليه، وقد ذكر أصحابنا في الظروف بدل ولم يذكروا مثل، وذكره الكوفيون وأجازوا: زيد مثلك نحو زيد دونك أي: في المنزلة، وكذا هو مثلك في المنزلة واحتج لهم بقوله:
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر (1)
على أن مثلهم ظرف، كقولك: فوقهم ودونهم.
قال سيبويه: (وهذه حروف تجري مجرى خلفك، ولكنا عزلناها لتفسير معانيها، لأنها غرائب فمن ذلك حرفان ذكرناهما في الباب الأول لم نفسر معناهما، وهما صددك ومعناه: القصد، وسقبك ومعناه: القرب، ومنه قول العرب: هو وزن الجبل، أي ناحية منه، وهم زنة الجبل أي: حذاءه. ومن ذلك قول العرب: قرابتك أي: قربك، يعني المكان، وهم قرابتك في العلم أي: قريبا منك في العلم، فصار هذا بمنزلة قول العرب: هو حذاءه وإزاءه وحواليه بنو فلان، وقومك أقطار البلاد).
قال أبو سعيد: هذه التي ذكرناها من الظروف جهات أجريت مجرى خلف وقدام، واستعملوا حول على التوحيد وعلى التثنية والجمع، فقالوا: حوله وحوليه وأحواله وحواله وحواليه، وهي جانبيه وجنباته، وهم قطريه وأقطاره، وذلك كله يصح، ومنه البيت الذي أنشده لأبي حيّة:
إذا ما تغشاه على الرحل ينثني
… مساليه عنه من وراء ومقدم (2)
ومسالاه عطفاه، فصار بمنزلة: جنبي فطيمة، ويقال: زيد جنب الدار وجانب الدار، أي: ما قرب منها.
قال أبو سعيد: وأنا أذكر جملة من الظروف في بعضها خلاف بين الكوفيين والبصريين وفي بعضها وفاق لينكشف مذهب الظروف عند النحويين اتفق الكوفيون والبصريون أن خلفك وقدام عمرو ونحو هذا من أسماء الأماكن العامة هي ظروف، واختلفوا فيها إذا أفردت، فرأى البصريون أنها ظروف ومنع من ذلك الكوفيون،
فقالوا: