عمرو، وما خرج زيد لكن عمرو.
وليس يكون بها عطف إلا على هذا فوجب لما بعدها ما نفي عما قبلها، كما أن لا تنفى عما بعدها ما وجب لما قبلها، فهي نقيضها.
قال أبو العباس: الفرق بين (لكن) و (بل) أن (بل) لا يتكلم بها إلا غالط إذا قلت:
رأيت زيدا بل عمرا، كأنك قلت:
ما رأيت زيدا بل ما رأيت عمرا، أضربت عن الأول واعتمدت في الجحد على الثاني. قال أبو العباس: وقد تكون بمعنى لكن في قولك:
ما رأيت زيدا بل عمرا، أي:
بل رأيت عمرا، فمعناه: لكن عمرا.
ويجوز أن تعني: بل ما رأيت عمرا إذا أردت إبطال الأول.
والجيد أن تحمله على: رأيت، لأنها أقرب إليه فيكون المعنى: بل رأيت عمرا.
ويجوز الرفع بعد هذه الحروف.
وتكون عاطفة جملة على جملة، ويكون الرفع على إضمار (مبتدأ) يكون الذي ظهر خبره.
ثم قال سيبويه: (تقول: ما مررت برجل مسلم، فكيف رجل راغب في الصدق بمنزلة:
فأين راغب؟ وزعم يونس أن الجر خطأ، لأن (أين) ونحوها يبتدأ بهن، ولا يضمر بعدهن شيء).
قال أبو سعيد: يريد: أنهن لا يجرين مجرى حروف العطف التي يعمل فيما بعدهن عامل الاسم الذي قبلهن، وهذا لا
يجوز في حروف الاستفهام لأنهن لا يعمل ما قبلهن فيما بعدهن.
لا تقول: رأيت زيدا فأين عمر أو فهل بشرا.
فإذا قلت: كيف رجل راغب في الصدقة؟ فرجل: مبتدأ، وراغب: نعته، وكيف:
خبره.
وأين راغب في الصدقة؟ فراغب: مبتدأ، وأين: خبره.
و (لكن) و (بل) لا يكونان مبتدأين فيشبّهن بحروف العطف إذ كنّ لا يبتدأ بهن.