وذكر أبو بكر مبرمان غير ذكر قوله: ولا يضمر بعدهن شيء، أن التي يضمر بعدهما ما كان فيه معنى التخصيص، كقولك: جئتك بدرهم، فتقول: هلّا دينارا.
قال سيبويه:
(ومما جرى نعتا على غير وجه الكلام: هذا جحر ضبّ خرب). وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: كلام سيبويه في هذا الفصل بيّن، واحتجاجه فيه قوي، وخلافه للخليل فيه مفهوم أيضا وأصل (لكن) العطف لأنها تدخل لإيجاب نفي عما قبلها لما بعدها لتصير حال ما بعدها مخالفة لما قبلها.
وقد استعملت للعطف في الحال التي ذكرنا.
وتدخل الواو عليها في تلك الحال، فيصير العطف للواو، ويكون دخول (لكن) بمعنى: التدارك للمعنى، كقولهم: ما رأيت زيدا ولكن عمرا، وما مررت بزيد ولكن عمرو.
ورأيت بعض النحويين من البصريين قال في:
هذا جحر ضب خرب، قولا شرحته وقويته بما يحتمله. زعم هذا النحوي: أن المعنى هذا جحر ضب خرب: الجحر، والذي يقوي هذا أنّا إذا قلنا: خرب الجحر، صار من باب: حسن الوجه.
وفي خرب ضمير الجحر مرفوع لأن التقدير:
كان خرب جحره، ومثله ما قاله النحويون:
مررت برجل حسن الأبوين لا قبيحين، والتقدير:
لا قبيح الأبوين، وأصله: لا قبيح أبواه، ثم جعل في: قبيح ضميرا لأبوين، فثني لذلك وأجري على الأول فخفض واكتفي بضمير الأبوين، ولم يعد ظاهرهما لما تقدم لهما من الذكر ولا يشبهه عندي قوله:
... وجيد بطن واد
… هموز الناب
... (1)
على هذه العلة لأنّا إذا خفضنا (هموز) فهو محمول على (بطن واد)، وليس هموز