له هذه الأعضاء، فإذا ثنوها فالاختيار لفظ الجمع في تثنيتها، كقولك في تثنية وجه أوجه ووجوه.
قال الله عز وجل: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (1)، وإنما صار هكذا لأن في البدن أعضاء كثيرة مثناة وهي أكثر البدن، وإذا ضمّ ما في بدن واحد من المثنى إلى مثله صار جمعا لأنه يصير أربعة، والواحد المضموم إلى
مثله من آخر محمول على الاثنين، فلذلك اختير الجمع.
ووجه آخر فرقوا بين ما في البدن منه واحد وما في البدن منه اثنان إذا ضموا أحد الاثنين إلى مثله من آخر يكون مثنى وإذا ضموا الواحد إلى مثله يكون جمعا للفرق، وهذا هو الاختيار، وقد يجمع الذي يختار تثنيته ويثنى الذي يختار جمعه. قال الراجز وهو خطام المجاشعيّ:
ظهراهما مثل ظهور الترسين (2)
فثنى وجمع.
(وذكر يونس أن رؤبة كان يقول:
ما أحسن رأسيهما
وقالوا: وضعا رحالهما، يريد: رحلي الراحلتين).
وحدّ الكلام وضعا: رحلي الراحلتين، وربّما وجدوا ما يصفونه إلى الاثنين والجمع، وأمنوا اللبس بدلالة المضاف إليه، قال الشاعر:
كأنه وجه تركيين قد غضبا
… مستهدف لطعان غير تذبيب (3)
واحتج في لفظ الجمع الذي يراد به التثنية بقوله تعالى: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ (4)، فذكر خصمين وهما اثنان، وقبلها قالوا.
قال أبو سعيد: وليس في هذا حجة لأن الخصم يقع على جماعة، والخصمين تقع