على جماعتين، قال الله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ (1)، والحجة في قوله: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ (2)، ولعل سيبويه أراد ذلك، والله أعلم.
هذا باب إجراء الصفة على الاسم فيه بعض المواضع أحسن(وقد يستوي فيه إجراء الصفة على الاسم وأن تجعله خبرا فتنصبه.
فأمّا ما استويا فيه فقوله: مررت برجل معه صقر صائد به، إن جعلته وصفا وإن لم تحمله على الرجل وحملته على الاسم المضمر المعروف، نصبته.
فقلت: مررت برجل معه صقر صائدا به.
كأنه قال: معه، ناب (صائدا به) حين لم يود أن يحمله على الأول، كما تقول:
أتيت على رجل مررت به قائم. إن حملته على الرجل وإن حملته على مررت به، نصبته. كأنك قلت: مررت به قائما).
قال أبو سعيد: إذا قلت: مررت برجل معه صقر صائد به، فقولنا: معه صقر: جملة في موضع الصفة ل (رجل) صقر مبتدأ، ومعه خبر مقدم، كما تقول: في الدار زيد.
وصائد به: صفة أخرى، كما تقول: مررت برجل ضاحك.
وأصله: مررت برجل معه صقر صائد بصقر.
ولكن لما تقدم ذكر الصقر أوجب أن يكنى عنه إذا عاد ذكره.
فهاتان صفتان لرجل، فإن لم تحمل صائدا على رجل، وحملته على الهاء التي في معه، وهو الاسم المضمر المعروف الذي عناه سيبويه، نصبته، وصار بمنزلة قولك:
مررت برجل مع أبيه صقر صائدا به، ومررت برجل مع جاريته صقر صائدة به، ومررت برجل مع غلاميه صقر صائدين به.
إذا جعلت الصيد للاسم المتصل ب (مع)، لم يكن سبيل إلى النعت، لأنه لا تنعت معرفة بنكرة، فنصب على الحال، هذا في معنى قوله: تجعله خبرا.