نفسي فداء أمير المؤمنين إذا
… أبدى النّواجذ يوم باسل ذكر
الخائض الغمر والميمون طائره
… خليفة الله يستسقى به المطر) (1)
قال أبو سعيد: هذا الباب في التعظيم والمدح، والباب الذي في الشتم والتقبيح يجريان مجرى واحدا، والإعراب فيهما على طريق واحد، وفي كل واحد منهما ثلاثة أوجه:
إمّا الصفة واتباع الثاني الأول، وإن كان قصدك فيه المدح والثناء كنحو ما يذكر من تكبير صفات الله تعالى على جهة المدح له والثناء عليه.
وإمّا أن تنصبه بإضمار أذكر.
وإمّا أن تستأنفه فترفعه بإضمار الابتداء.
والذي يصيره مدحا وثناء أو شتما وتقبيحا، قصد المتكلم به إلى ذلك، وربما قصد الإنسان بقوله: فلان فاضل شجاع إلى الهزء به، ويتبين ذلك في لفظه من محاوره، وهذا معروف في عادات كلام الناس، وقد ذكرناه مفصلا قبل هذا الباب، وأنا أسوق كلامه في البابين، وما احتمل زيادة زدت، والله المعين، وأنشد في الاستئناف قول
مهلهل:
ولقد خبطن بيوت يشكر خبطة
… أخوالنا وهم بنو الأعمام (2)
فاستأنف أخوالنا على معنى: هم أخوالنا، ولو خفضه على النعت ليشكر لجاز.
وقوله تعالى: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ (3).
في المقيمين وجهان:
أحدهما: أن يكون منصوبا على المدح والثناء.
والآخر: أن يكون مجرورا بالعطف على ما، فيكون معناه:
ويصدّقون بما أنزل إليك وبالمقيمين الصلاة أي: بمذاهبهم وبدينهم، والمؤتون الزكاة مبتدأ مستأنف أو عطف على الراسخين.