منطلق زيد، واليوم قائم زيد.
وإنما ارتفع هذا لأنه بمنزلة بك مأخوذ زيد. وتأخير الخبر في الابتداء أقوى؛ لأنه عامل فيه.
ومثل ذلك: عليك نازل زيد؛ لأنك لو قلت: عليك زيد، وأنت تريد النزول، لم يكن كلاما.
وتقول: عليك أميرا زيد؛ لأنك لو قلت: عليك زيد وأنت تريد الإمرة كان حسنا. وهذا قليل في الكلام، كثير في الشعر؛ لأنه ليس بفعل. وكلّما تقدّم كان أضعف له وأبعد، فمن ثمّ لم يقولوا: قائما فيها رجل، ولم يحسن حسن: فيها قائما رجل "
قال أبو سعيد: الظروف على ضربين أحدهما: أسماء الزمان والآخر أسماء المكان، فأمّا أسماء الزمان فإنها تكون
ظروفا للمصادر وأخبارا لها كقولنا: القتال يوم الجمعة، ورحلنا يوم الخميس. ولا تكون ظروفا للجثث وأخبارا لها، لا تقول: زيد يوم الجمعة، وتسكت حتى تقوّيه بخبر لزيد كقولنا: اليوم منطلق زيد، واليوم قائم زيد، والفرق بين ظروف الزمان والمكان، أن ظروف الزمان إنّما هي أشياء تحدث وتنقضي، ولا يثبت شيء منها، وما وجد من الزمان فهو مشتمل على كل موجود، والجثث كلها موجودة.
فإذا جعلنا ظرف الزمان ظرفا لبعض الجثث، وقد علم أنه قد اشتمل على الجثث كلها، فلا فائدة فيه؛ لأنّا إذا قلنا: زيد اليوم، وقد علم أنّ اليوم قد اشتمل عليه وعلى غيره، فلا فائدة فيه، وأمّا المصادر فإنها غير موجودة، وتحدث في أوقات. فإذا جعل ظرف الزمان لشيء من المصادر، فإنّما تدلّ على حدوث ذلك المصدر في ذلك الزمان، وفيه فائدة يجوز أن لا يعلمها المخاطب.
وأمّا ظروف المكان فإنها تكون أخبارا، فأي مكان جعلته مستقرا لشيء يكون فيه، جاز أن يكون ظرفا له وخبرا. فما كان منها مخوضا أدخلت عليه (في) أو ما يقوم مقامها، كقولنا: زيد في الدار، وفي السوق، وأخوك على الجبل، وعلى السور. وما اتصل من حروف الجر بالأسماء غير الأماكن فهو صلة لفعل أو خبر اسم، ولا يجوز حذف ما هو في صلته، كقولك: زيد راغب في عمرو، وأخوك نازل عليك، وزيد يرغب فيك، وينزل عليك، وزيد يؤخذ بك، وزيد مأخوذ بك، ولا يجوز أن تقول: زيد فيك، وأنت زيد راغب، ولا زيد عليك، وأنت زيد نازل، ولا زيد بك وأنت زيد مأخوذ؛ لأن هذه