كم عمة لك فهي عمة واحدة، كأنه قال: كم عمتك؟ وكم واقعة على مرار الحلب، وكأنه قال: كم مرة عمتك حلبت علىّ، وعمة لك بتلك المنزلة.
وأهل الكوفة يخفضون ما بعد كم في كل حال بمن، فإن أظهرتها فهي الخافضة وإن حذفت وخفضت فهي مقدرة، فلذلك فصلوا بين (كم) وبين المخفوض.
وتقول: كم قد أتاني لا رجل ولا رجلين، وكم عبد لك لا عبد ولا عبدان، كم رفع بالابتداء ومميزه محذوف، وتقديره: كم رجل؛ لأنه في الخبر، وخبر (كم) قد أتاني، فصار التقدير: رجال أتوني، ولا رجل ولا رجلان: عطف على (كم).
كما تقول: زيد أتاني لا عمرو ولا بكر.
ولا يجوز أن تعمل (كم) في لا رجل ولا رجلين؛ لأن تفسير (كم) استفهاما كانت أو خبرا- لا تقع كذلك، أما في
الاستفهام فمنزلتها منزلة (عشرين) وأنت لا تقول في تمييز العشرين: عندي عشرون لا رجلا ولا رجلين، وأما في الخبر فهي تجري مجرى (ربّ) وأنت لا تقول: ربّ لا رجل ولا رجلين، ومعنى قوله: كان محالا وكان نقضا؛ أي نصبت وجئت ب (كم) بعد (لا) فقلت:
لا كم رجلا، أو أضمرت (كم) لم يجز وانتقض الكلام؛ لأنه يصير في الخبر بمنزلة لا ربّ رجل ولا كم رجل، والقائل إذا قال: كم أتاني الرجل والرجلان يريد تكثير من أتاه، فإذا حمل لا رجل ولا رجلين على (كم) صار لا كم، فإذا أظهرها وأضمرها استحال وذهب معنى الكلام.
وعلى ذلك جواب من يقال له: كم لك عبدا؟ فيقول: عبدان أو ثلاثة أعبد، عبدان أو ثلاثة جواب (كم) وهو رفع بالابتداء وخبره (لي) محذوفة، كما كان (لك) خبر (كم).
قوله: ولم يرد من المسؤول أن يفسر على السائل فيفسر فيقول: كم درهما أو دينارا لك فيقول المسؤول: عشرون أو ثلاثون، وإن شاء ذكر المعدود فقال: ثلاثون درهما أو دينارا وما شاء، وإن شاء لم يفسر النوع؛ لأن السائل قد ذكره فلا اضطرار بالمجيب إلى ذكره لأنه إذا قال: كم عندك من الدراهم فقال: عشرون فقد عرف ما يعني، فلو لم يبين السائل ويفسر العدد لم يدر المسؤول بأي شيء يجيبه؟
ومعنى قوله: ولو أراد المسؤول عن ذلك أن ينصب عبدا أو عبدين على (كم) كان قد أحال يعني: أن المسؤول لو نصب خرج عن حد الجواب فصار سائلا؛ لأنه إذا نصب فإنما ينصبه ب (كم) والذي يلفظ ب (كم) هو سائل.
وإن أظهرها فقال في جوابه: كم لا عبدا ولا عبدين فقد أحال؛ لأنه سأل وحقه أن