عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى «١».
وبما حكم به نبينا صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، وقد قال الله عزّ وجلّ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ «٢» أي «٣» أنهم يهوون أن تحكم بشريعتهم فلا تحكم بها لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً .. «٤» إلى آخر الآية.
ثم «٥» قال عزّ وجلّ بعدها «٦»: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ «٧».
وأما قوله عزّ وجلّ: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً «٨»، فإنما معناه: أن شريعتك هذه هي ملّة إبراهيم، فاتبعها.
وقال عزّ وجلّ: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ «٩».
فمعنى قوله عزّ وجلّ: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ أي اتبعوا ملّتكم هذه، فهي ملّة أبيكم إبراهيم.
وقد عد قوم هذه الآية من المتشابه، وليس كذلك، وإنما أشكل عليهم عود الضمير والمعنى:- والله أعلم- أن قوله: (هو اجتباكم) عائد إلى (ربّكم)، وقوله لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ متعلّق به، وقوله عزّ وجلّ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ عائد أيضا إلى ما عاد إليه الضمير الأول، أي سمّاكم فيما تقدم من الزمان لأنبيائه، وفيما أنزله من كتبه، (وفي هذا): أي وفي زمانكم «١٠».
(١) البقرة (١٧٨).
(٢) المائدة (٤٨).
(٣) كلمة (أي) ساقطة من د وظ.
(٤) جزء من الآية نفسها، وتمامها .. وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.
(٥) (ثم) غير واضحة في ظ.
(٦) كلمة (بعدها) ساقطة من د وظ.
(٧) المائدة (٤٩).
(٨) النحل (١٢٣).
(٩) الحج (٧٨).
(١٠) راجع تفسير الطبري: ١٧/ ٢٠٩، ٢٠٨، والكشاف: ٣/ ٢٤ والبحر المحيط: ٦/ ٣٩١، وإملاء ما من به الرحمن: ٤/ ٤٩ بهامش الفتوحات الإلهية، وتفسير القرطبي: ١٢/ ١٠١.