وكتب إليه عمر: أتانى كتابك تذكر مكان عدوك ونزولك حيث نزلت، ومسافة ما بينك وبين ابن كسرى، وأنه من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، فأرسل إلى ابن كسرى من يدعوه إلى الإيمان أو إعطاء الجزية أو الحرب، فإن أسلم فله ما لكم وعليه ما عليكم، وإن اختار إعطاء الجزية ولم يسلم فله ما كسب وعليه ما اكتسب وقد حقن دمه وأحرز أرضه، ولا سبيل عليه إلا فى حق عليه، فإن أبى الإسلام وإعطاء الجزية فلا يعظم عندك حربه ولا يكربنك ما يأتيك عنهم، ولا ما يأتوك به، فاستعن بالله واستنصره وتوكل عليه، وإذا لقيت عدوك فقدم أهل البأس والنجدة فى غير إهانة لهم ولا تغرير بهم، وعليكم بالصبر فإنه ينزل النصر، فإذا ظهرت فأكثر القتل فى دبر المشركين، واقتل المقاتلة، واستبق النساء والصبيان، ثم لا تتركن أحدا من العدو وراءك، وإن أعطوك الصلح فلا تصالح إلا على الجلاء، إلا أن تترك فيها من لا كيد له ولا نكاية، وأحط بأمرى، وخذ بعهدى.
وفى رواية أنه قال له، فيما كتب به إليه: وابعث إليهم رجالا من أهل المنظر والرأى والجلد يدعونهم، فإن الله عز وجل جاعل دعاءهم توهينا لهم، وفلجا عليهم.
ولما انتهى إلى سعد أمر عمر، رضى الله عنه، بالتوجه إلى يزدجرد، جمع نفرا لهم نجار، ولهم آراء، ونفرا لهم منظر وعليهم مهابة.
فأما الذين لهم نجار ولهم آراء واجتهاد: فالنعمان بن مقرن، وبسر بن أبى رهم، وجبلة بن جوية الكنانى، وحنظلة بن الربيع الأسدى، وفرات بن حيان العجلى، وعدى ابن سهيل، والمغيرة بن زرارة بن النباش بن حبيب.
وأما الذين لهم منظر لأجسامهم، وعليهم مهابة، ولهم آراء: فعطارد بن حاجب، والأشعث بن قيس، والحارث بن حسان، وعاصم بن عمرو، وعمرو بن معدى كرب، وغيرهم ممن سماه سيف فى كتابه.
وخالفه المدائنى فى بعضهم، فلم يذكرهم، وذكر معهم ممن لم يذكره سيف: طليحة ابن خويلد، وزهرة بن جوية، ولبيد بن عطارد، وشرحبيل بن السمط.
قال المدائنى: فأتوا الحيرة، فأرسل إليهم رستم: أين تريدون؟ قالوا: نريد ابن كسرى.
فأرسل معهم أساورة فجوزوهم إلى المدائن، فوقفوا ببابه.
وقال سيف: إنهم طووا رستم، حتى انتهوا إلى باب يزدجرد، فوقفوا على خيول