الجذامى، أنا المالكى من أسد، أنا الأشعرى، ثم صار الانتماء قصره فى جذيمة، فلما انجلت الحرب رأيت جماعة قتلى فى ربضة، فقلت: من هؤلاء؟ قالوا: من جذيمة النخع، أصيبوا من آخر الليل وهم ينتمون، فنفلهم عمر خمسة وعشرين فرسا، يعنى بنى جذيمة.
وحكى المدائنى عن الشعبى قال: كان السبى بالقادسية وجلولاء مائة ألف رأس، وقد قيل: أقل من هذا، وقول الشعبى أكثر وأشهر.
ويروى أنه لما كان العطاء فضل من أهل البلاء بالقادسية بخمسمائة خمسمائة فى أعطياتهم خمسة وعشرون رجلا، منهم زهرة بن الجوية وعصمة الضبى والكلح الضبى، وأما أهل البلاء قبلهم ففرض لهم العطاء على ثلاثة آلاف، فضلوا على أهل القادسية.
وذكر سيف بن عمر عن رجاله، قالوا: كانت العرب توقع وقعة العرب وأهل فارس فى القادسية يرون أن ثبات ملكهم وزواله بها، وكانت فى كل بلدة مصيخة إليها، تنظر ما يكون من أمرها، حتى أن كان الرجل ليريد الأمر فيقول: لا أنظر فيه حتى أرى ما يكون من أمر القادسية، فلما كانت وقعتها سارت بها الجن إلى ناس من الإنس فسبقت أخبار الإنس إليهم، قالوا: فبرزت امرأة ليلا على جبل بصنعاء، لا يدرى من هى، وهى تقول:
حييت عنا عكرم ابنة خالد
... وما خير زاد بالقليل المصرد
وحيتك عنى الشمس عند طلوعها
... وحياك عنى كل ناج مفرد
وحيتك عنى عصبة حنفية
... حسان الوجوه آمنوا بمحمد
أقاموا لكسرى يضربون جنوده
... بكل رقيق الشفرتين مهند
وسمع أهل اليمامة مجتازا يغنى بهذه الأبيات:
وجدنا الأكثرين بنى تميم
... غداة الروع أصبرهم رجالا
هم ساروا بأرعن مكفهر
... إلى لجب يوازنهم رعالا
بحور للأكاسر من رجال
... كأسد الغاب تحسبهم جبالا
هم تركوا بقادس عز فخر
... وبالنجفين أياما طوالا
مقطعة أكفهم وسوق
... بمردى حيث قابلت الجبالا
وسمع أهل البحرين راكبا يقول:
ألا حييا أفناء بكر بن وائل
... فقد تركوا جمع الأعاجم واجما
هم صدقوا يوم القوادس فارسا
... بأسيافهم ضربا يبل القوائما