وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ - دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ - قَالُوا: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَبَضَ أَبُو طَالِبٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَكُونُ مَعَه.
وَكَانَ أَبُو طَالب لَا مَال وَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا لَا يُحِبُّهُ وَلَدَهُ، وَكَانَ لَا يَنَامُ إِلَّا إِلَى جَنْبِهِ، وَيَخْرُجُ فَيَخْرُجُ مَعَهُ.
وَصَبَّ بِهِ أَبُو طَالِبٍ صَبَابَةً لم يصب مثلهَا بشئ قَطُّ.
وَكَانَ يَخُصُّهُ بِالطَّعَامِ، وَكَانَ إِذَا أَكَلَ عِيَالُ أَبِي طَالِبٍ جَمِيعًا أَوْ فُرَادَى لَمْ يَشْبَعُوا، وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبِعُوا.
فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ قَالَ كَمَا أَنْتُمْ حَتَّى يَأْتِيَ ولدى.
فَيَأْتِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ فَكَانُوا يُفْضِلُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ لَمْ يَشْبَعُوا فَيَقُولُ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ.
وَكَانَ الصِّبْيَانُ يُصْبِحُونَ رُمْصًا شُعْثًا وَيُصْبِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَهِينًا كَحِيلًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرو، سَمِعت عَطاء ابْن أَبِي رَبَاحٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ بَنو أَبى طَالب يُصْبِحُونَ رمصا عمصا وَيُصْبِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَقِيلًا دَهِينًا.
وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يُقَرِّبُ إِلَى الصِّبْيَانِ صَفْحَتَهُمْ أَوَّلَ الْبُكْرَةِ، فَيَجْلِسُونَ وَيَنْتَهِبُونَ، وَيَكُفُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَلَا يَنْتَهِبُ مَعَهُمْ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمُّهُ عَزَلَ لَهُ طَعَامَهُ عَلَى حِدَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ لِهْبٍ كَانَ عَائِفًا، فَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَاهُ رِجَالٌ مَنْ قُرَيْشٍ بِغِلْمَانِهِمْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَعْتَافُ لَهُمْ فِيهِمْ.