قَالَ: فَأَتَى أَبُو طَالِبٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ مَعَ مَنْ يَأْتِيهِ.
قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ شغله عَنهُ شئ.
فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: الْغُلَامُ عَلِيَّ بِهِ.
فَلَمَّا رَأَى أَبُو طَالِبٍ حِرْصَهُ عَلَيْهِ غَيَّبَهُ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: وَيَلَكُمْ رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلَامَ الَّذِي رَأَيْته آنِفا فو الله لَيَكُونَنَّ لَهُ شَأْنٌ.
قَالَ: وَانْطَلَقَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ.
فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ فِي رَكْبٍ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ.
فَلَمَّا تَهَيَّأَ لِلرَّحِيلِ وَأَجْمَعَ السَّيْرَ صَبَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَزْعُمُونَ.
فَرَقَّ لَهُ أَبُو طَالِبٍ وَقَالَ: وَاللَّهُ لَأَخْرُجَنَّ بِهِ مَعِي وَلَا أُفَارِقُهُ وَلَا يُفَارِقُنِي أَبَدًا.
أَوْ كَمَا قَالَ.
فَخَرَجَ بِهِ.
فَلَمَّا نَزَلَ الرَّكْبُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ وَبِهَا رَاهِبٌ يُقَالَ لَهُ بَحِيرَى فِي صَوْمَعَةٍ لَهُ.
وَكَانَ إِلَيْهِ عِلْمُ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ مُنْذُ قَطُّ رَاهِبٌ
فِيهَا إِلَيْهِ يَصِيرُ عِلْمُهُمْ عَنْ كِتَابٍ، فِيمَا يَزْعُمُونَ، يَتَوَارَثُونَهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ.
فَلَمَّا نزلُوا ذَلِك الْعَام ببحيرى - وَكَانُوا كثيرا مَا يَمرونَ بِهِ فَلَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ، حَتَّى كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ، فَلَمَّا نَزَلُوا قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَتِهِ صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا كَثِيرًا، وَذَلِكَ فِيمَا يَزْعُمُونَ عَن شئ رَآهُ وَهُوَ فِي صَوْمَعَتِهِ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ