وَبَدَّلُوا مَا كَانَ اللَّهُ بَعَثَ بِهِ ابْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ مِنَ الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، مِنْ تَوْحِيدِ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَتَحْرِيمِ الشِّرْكِ.
وَغَيَّرُوا شَعَائِرَ الْحَجِّ وَمَعَالِمَ الدِّينِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا بُرْهَانٍ وَلَا دَلِيلٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ.
وَاتَّبَعُوا فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُشْرِكِينَ.
وَشَابَهُوا قَوْمَ نُوحٍ، وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَعَبَدَ الْأَصْنَامَ وَلِهَذَا بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا، وَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بعث ينْهَى عَن عبَادَة الاصنام، كَمَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ (وَقَالُوا
لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ ويعوق ونسرا وَقد أَضَلُّوا كثيرا وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا ضلالا) (1) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ هَؤُلَاءِ قَوْمًا صَالِحِينَ فِي قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ عَبَدُوهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا كَيْفِيَّةَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ فِي عِبَادَتهم بِمَا أغْنى عَن إِعَادَته هَا هُنَا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: ثُمَّ صَارَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ فِي الْعَرَبِ بَعْدَ تَبْدِيلِهِمْ دِينَ إِسْمَاعِيلَ، فَكَانَ وَدُّ لِبَنِي كَلْبِ بْنِ وَبْرَةَ (2) بْنِ تَغَلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ ابْن قُضَاعَةَ.
وَكَانَ مَنْصُوبًا بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ.
وَكَانَ سُوَاعٌ لبنى هُذَيْل بن الياس بن مدركة بْنِ مُضَرَ.
وَكَانَ مَنْصُوبًا بِمَكَانٍ يُقَالَ لَهُ رُهَاطٌ.
وَكَانَ يَغُوثُ لِبَنِي أَنْعَمَ مِنْ طَيِّئٍ وَلِأَهْلِ جُرَشٍ مِنْ مَذْحِجٍ.
وَكَانَ مَنْصُوبًا بِجُرَشَ.
وَكَانَ يَعُوقُ مَنْصُوبًا بِأَرْضِ هَمْدَانَ مِنَ الْيَمَنِ لبنى خيوان بطن من هَمدَان.