وَكَانَ نَسْرٌ مَنْصُوبًا بِأَرْضِ حِمْيَرَ لِقَبِيلَةٍ يُقَالَ لَهَا ذُو الْكُلَاعِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ لِخَوْلَانَ بأرضهم صنم يُقَال لَهُ عَم أنس (1) يَقْسِمُونَ لَهُ مِنْ أَنْعَامِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ قَسْمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فِيمَا يَزْعُمُونَ (2) ، فَمَا دَخَلَ فِي حق عَم أنس مِنْ حَقِّ اللَّهِ الَّذِي قَسَمُوهُ (3) لَهُ تَرَكُوهُ لَهُ، وَمَا دَخَلَ فِي حَقِّ اللَّهِ مَنْ حق عَم أنس ردُّوهُ عَلَيْهِ، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْث والانعام نَصِيبا) .
قَالَ: وَكَانَ لِبَنِي مِلْكَانَ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ صَنَمٌ يُقَالَ لَهُ سَعْدٌ، صَخْرَةٌ بِفَلَاةٍ مِنْ أَرْضِهِمْ طَوِيلَةٍ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِإِبِلٍ لَهُ مُؤَبَّلَةٍ لِيَقِفَهَا عَلَيْهِ الْتِمَاسَ بَرَكَتِهِ، فِيمَا يَزْعُمُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْإِبِلُ، وَكَانَتْ مَرْعِيَّةً لَا تُرْكَبُ وَكَانَ الصَّنَمُ يُهْرَاقُ عَلَيْهِ
الدِّمَاءُ، نَفَرَتْ مِنْهُ فَذَهَبَتْ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَغَضب رَبهَا فَأخذ حَجَرًا فَرَمَاهُ بِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ نَفَرْتَ عَلَيَّ إِبِلِي.
ثُمَّ خَرَجَ فِي طلبَهَا حَتَّى جمعهَا، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ لَهُ قَالَ: أَتَيْنَا إِلَى سَعْدٍ لِيَجْمَعَ شَمْلَنَا * فَشَتَّتَنَا سَعْدٌ فَلَا نَحْنُ مِنْ سَعْدِ وَهَلْ سَعْدٌ إِلَّا صَخْرَةٌ بِتَنُوفَةٍ * مِنَ الْأَرْضِ لَا يَدْعُو لِغَيٍّ وَلَا رُشْدِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ فِي دَوْسٍ صَنَمٌ لِعَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدَّوْسِيِّ.
قَالَ: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدِ اتَّخَذَتْ صَنَمًا عَلَى بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ يُقَالَ لَهُ هُبَلُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ أَنَّهُ أَوَّلُ صَنَمٍ نَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ لَعَنَهُ اللَّهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاتَّخَذُوا إِسَافًا وَنَائِلَةَ، عَلَى مَوْضِعِ زَمْزَمَ يَنْحَرُونَ عِنْدَهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمَا كَانَا رَجُلًا وَامْرَأَةً فَوَقع عَلَيْهِمَا فِي الْكَعْبَةِ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ حَجَرَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ أَنَّهَا قَالَت: سَمِعت عَائِشَة تَقول: مازلنا نَسْمَعُ أَنَّ إِسَافًا وَنَائِلَةَ كَانَا رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْ جُرْهُمٍ أَحْدَثَا فِي الْكَعْبَةِ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ عزوجل حجرين.
وَالله أعلم.