قال: فاذكر غيره؟
قلت: أحل الله لنا أن ننكح من النساء مثنى وثلاث ورباع وما ملكت أيماننا، وحرّم الأمهات والبنات والأخوات.
قال: نعم.
قلت: فلو أن رجلاً اشترى جارية، فاستبرأها أَيحَلُّ له إصابتها؟
قال: نعم.
قلت: فأصابها وولَدَت له دهراً، ثم علم أنها أختُه، كيف القول فيه؟
قال: كان ذلك حلالاً حتى علم بها، فلم يَحِل له أن يعود إليها.
قلت: فيقال لك في امرأة واحدة حلالٌ له حرامٌ
ص: 500 عليه، بغير إحداث شيء أحدثه هو ولا أحدثَتْه؟
قال: أما في المغيَّب فلم تزل أختَه أولاً وآخراً، وأما في الظاهر، فكانت له حلالاً ما لم يعلم، وعليه حرامٌ حين علم.
وقال: إن غيرنا ليقول: لم يزل آثماً بإصابتها، ولكنه مأثَم مرفوع عنه.
فقلت: الله اعلم، وأيَّهما كان، فقد فرَّقوا فيه بين حكم الظاهر والباطن، وألغوا المأثم عن المجتهد على الظاهر، وإن أخطأ عندهم، ولم يُلغوه عن العامد.
قال: أجل.
وقلت له: مَثَلُ هذا الرجل ينكح ذاتَ مَحرَم منه، ولا يعلم، وخامسةً وقد بلغته وفاة رابعة كانت زوجة له، وأشباهٌ لهذا.
ص: 501 قال: نعم أشباه هذا كثير.
فقال: إنه لَبَيِّن عند من يثبت الرواية منكم أنه لا يكون الاجتهاد أبداً إلا على طلب عينٍ قائمة مُغَيَّبة بدلالة، وأنه قد يسع الاختلاف مَن له الاجتهاد.