بِالصِّفَاتِ، تُضَافُ إِلَى مَا هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ١ أَيْضًا مِنْهُ جُمْلَةٌ فِي كِتَابِ الْمَقَاصِدِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُرْآنَ احْتَوَى مِنْ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْمَحَاسِنِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا الْقَوَاعِدُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى كَثِيرٍ يَشْهَدُ بِهَا شَاهِدُ الِاعْتِبَارِ، وَيُصَحِّحُهَا نُصُوصُ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ.
وَقِسْمٌ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ٢ بِالذِّكْرِ، وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَعَرَفُوهُ مَأْخُوذًا مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ مَنْطُوقِهَا وَمَفْهُومِهَا، عَلَى حَسَبِ مَا أَدَّاهُ اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ محتوٍ مِنَ الْعُلُومِ٣ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْنَاسٍ هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ٤:
أَحَدُهَا: مَعْرِفَةُ الْمُتَوَجَّهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ اللَّهُ الْمَعْبُودُ سُبْحَانَهُ.
وَالثَّانِي: مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ مَآلِ الْعَبْدِ لِيَخَافَ اللَّهَ بِهِ وَيَرْجُوَهُ.
وَهَذِهِ الْأَجْنَاسُ الثَّلَاثَةُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ جِنْسٍ وَاحِدٍ هُوَ الْمَقْصُودُ، عَبَّرَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون} الذَّارِيَاتِ: ٥٦ ؛ فَالْعِبَادَةُ هِيَ الْمَطْلُوبُ الْأَوَّلُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ؛ إِذِ الْمَجْهُولُ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ وَلَا يُقْصَدُ بِعِبَادَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا، فَإِذَا عُرِفَ -وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَعْرِفَةِ بِهِ أَنَّهُ آمِرٌ وناهٍ وَطَالِبٌ لِلْعِبَادِ بِقِيَامِهِمْ بِحَقِّهِ- تَوَجَّهَ الطَّلَبُ؛ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى دُونَ معرفة كيفية التعبد؛ فجيء بالجنس الثاني.
١ في المسألة الخامسة من النوع الثاني، وجعل دلالة الكلام على هذه الآداب من نوع الدلالة التبعية، وبسط المقام هناك؛ فراجعه ليتبين به بعض الحاصل الذي أشار إليه بعد. "د".
٢ وهو من قسم الدلالة على المعنى الأصلي. "د".
٣ في الأصل: "محتوى العلوم".
٤ انظر في هذا: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "١/ ٢٠-٣٦".