وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَيَكْفِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَدِّثُونَ فِي كِتَابِ "الْبِرِّ وَالصِّلَةِ"، وَقَدْ جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء} الْآيَةَ الْأَنْعَامِ: ١٥٩ ، أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ -وَهَذَا حَدِيثُ عَائِشَةَ-، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ! إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، مَنْ هُمْ؟ ". قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "هُمْ أَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ وَأَصْحَابُ الْبِدَعِ، وَأَصْحَابُ الضَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَا عَائِشَةُ! إِنَّ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةً؛ مَا خَلَا أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، لَيْسَ لَهُمْ تَوْبَةٌ، وَأَنَا مِنْهُمْ بَرِيءٌ، وَهُمْ مِنِّيَ برءاء"١.

١ أخرجه الطبراني في "الصغير" "١/ ٢٠٣"، وأبو الشيخ -ومن طريقه الواحدي في "الوسيط" "٢/ ٣٤٢"-، وابن مردويه -كما في "تفسير ابن كثير" "٢/ ٢٠٤"-؛ وابن أبي عاصم في "السنة" "رقم ٤"، وابن أبي حاتم في "العلل" "٢/ ٧٧/ رقم ٢٧٢٤"، الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" "ص٢٠٩"، والبيهقي في "الشعب" "٥/ ٤٤٩-٤٥٠/ رقم ٧٢٣٩ و٧٢٤٠"، وأبو نعيم في "الحلية" "٤/ ١٣٧-١٣٨"، وابن الجوزي في "الواهيات" "١/ ١٤٤/ رقم ٢٠٩" من طريق بقية ثنا شعبة أو غيره من مجالد عن الشعبي عن شريح عن عمر رفعه.
قال الطبراني: "لم يروه عن شعبة إلا بقية، تفرد به ابن مصفى"، وقال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث شعبة، تفرد به بقية".
قلت: إسناده ضعيف، فيه مجالد، ليس بالقوي، والحديث لم ينفرد به ابن المصفى كما قال الطبراني، وإنما تابعه جحدر بن الحارث كما قال الدارقطني في "العلل" "٢/ ١٦٣"، وخالفهما وهب بن حفص الحراني -وكان ضعيفًا-، فرواه عن عبد الملك الجدي عن شعبة عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عمر، أخرجه ابن عدي في "الكامل" "٧/ ٥٢٣٢" -وسقط متن الحديث من هذه الطبعة-، وقال: "رواه بقية عن شعبة عن مجالد عن الشعبي عن شريح عن عمر"، قال: "وجميعًا غير محفوظين".
وقال الدارقطني في "العلل" "٢/ ١٦٤": "ولا يثبت عن شعبة ولا عن مجالد، والله أعلم"، ونقله ابن الجوزي وزاد: "أما بقية فكان يدلس، والظاهر أنه سمع من ضعيف فأسقط ذكره، فلا يوثق بما يروي"، وقال ابن كثير في "التفسير" "٢/ ٢٠٤": "وهو غريب أيضًا، ولا يصح رفعه"، وقال =