تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ) .
٢٩٩٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَامِ أَجْرًا؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ) .
٢٩٩٤ - (وَعَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الضَّالَّةِ مِنْ الْإِبِلِ تَغْشَى حِيَاضِي قَدْ لُطْتهَا لِلْإِبِلِ هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي شَأْنِ مَا أَسْقِيهَا؟ قَالَ: نَعَمْ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّاءَ أَجْرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ)
ــ
نيل الأوطار
بَابُ نَفَقَةِ الْبَهَائِمِ
حَدِيثُ سُرَاقَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَغَوِيِّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ. قَوْلُهُ: (عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ) قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا حِمْيَرِيَّةٌ، وَفِي أُخْرَى أَنَّهَا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ حِمْيَرَ دَخَلُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ فَيَكُونُ نِسْبَتُهَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ دِينِهَا، وَإِلَى حِمْيَرَ لِأَنَّهُمْ قَبِيلَتُهَا. قَوْلُهُ: (فِي هِرَّةٍ) أَيْ بِسَبَبِ هِرَّةٍ، وَالْهِرَّةُ: أُنْثَى السِّنَّوْرِ، قَوْلُهُ: (خَشَاشِ الْأَرْضِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا بَعْدَهَا مُعْجَمَتَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ، وَالْمُرَادُ هَوَامُّ الْأَرْضِ وَحَشَرَاتُهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَرُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُرَادُ نَبَاتُ الْأَرْضِ، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ " مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ ". وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ حَبْسِ الْهِرَّةِ وَمَا يُشَابِهُهَا مِنْ الدَّوَابِّ بِدُونِ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَعْذِيبِ خَلْقِ اللَّهِ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عُذِّبَتْ فِي النَّارِ حَقِيقَةً أَوْ بِالْحِسَابِ، لِأَنَّ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: " فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ " يَدُلُّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ كَافِرَةً فَدَخَلَتْ النَّارَ بِكُفْرِهَا وَزِيدَ فِي عَذَابِهَا لِأَجْلِ الْهِرَّةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا كَانَتْ مُسْلِمَةً، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ النَّارَ بِهَذِهِ الْمَعْصِيَةِ.
قَوْلُهُ: (يَلْهَثُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: اللَّهْثَانُ: الْعَطْشَانُ، وَبِالتَّحْرِيكِ الْعَطَشُ كَاللَّهَثِ وَاللُّهَاثِ، وَقَدْ لَهِثَ كَسَمِعَ وَكَغُرَابٍ: حَرُّ الْعَطَشِ وَشِدَّةُ الْمَوْتِ قَالَ: