وَكَذَلِكَ يُقَال الله خَالق رَحْمَن رَحِيم فَإِنَّمَا سمى بِهِ ذَاته فَمثله صفة الْفِعْل أَي الْفِعْل وتوصف بِهِ ذَاته وَذَلِكَ كَمَا يُقَال كَلَام حِكْمَة وَصدق وَكذب على أَنه كَذَلِك وَهُوَ صفة لصَاحبه فَمثله يُضَاف إِلَى الله
وَبعد فَإِنَّهُ يُقَال لَهُ قَوْلك رَحْمَة ومغفرة صفة للْفِعْل ولعنة وَشتم أَيْضا عنْدك صفة الْفِعْل فَمَا الْفِعْل الَّذِي سمى رَحْمَة ولعنة حَتَّى يُوصف الله بِهِ
فَإِن قَالَ جنَّة ونار وَقبُول ورد وَنَحْو ذَلِك بَطل قَوْله فِي الْمسَائِل الَّتِي ذكر فِي الْأَصْلَح وَالتَّعْدِيل والتجوير إِن الله رَحِيم لَا يفعل بعباده ذَلِك وكل ذَلِك مِمَّا فعل بعباده وَإِن أثبت معنى سوى ذَلِك فصارا غير خلقه بهما يُوصف على أَن قَوْله يشْتم كَلَام قَبِيح لَا يُوصف الله بِهِ
ثمَّ يُقَال لَهُ لم اعْتبرت بِالَّذِي ذكرت فِي صفة الذَّات وَالْفِعْل وَقد رَأَيْت صِفَات الذَّات مُخْتَلفَة فِي الإستعمال من وَجه الْإِثْبَات نَحْو أَن يُقَال بِالْعلمِ فِي أَشْيَاء لَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ فِيهَا وبالقدرة على أَشْيَاء لَا يُوصف بِالسَّمْعِ فِيهَا وبالرؤية فِي أَشْيَاء لَا يُوصف بِالْكَرمِ فِيهَا وبالجود وبالحكمة فِي أَشْيَاء لَا يُوصف بِالسَّمْعِ لَهَا وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يكثر الإختلاف بِهِ لم يجب بهَا الْفرق بل هُوَ الْمَوْصُوف بهَا فِي الْأَزَل لم لَا قلت كَذَلِك فِي جَمِيع مَا يُوصف بِهِ إِذْ هُوَ يتعالى عَن الإستحالة وَالْفساد إنَّهُمَا آيتان للْحَدَث أمارتان للكون بعد أَن لم يكن
وَأَيْضًا يُقَال لَهُ رَأَيْت الْخلق أقساما يُسمى الله عنْدك بِبَعْض الْخلق وَلَا يُسمى بِبَعْض ثمَّ لم يدل على اخْتِلَاف فِي حق الصّفة مَا منع كَذَلِك فِي أَمر الصِّفَات وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
قَالَ الْفَقِيه أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله ثمَّ قَوْله مَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ من صِفَات الذَّات فَهُوَ عِنْد خَصمه لَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ على شَيْء من صِفَاته إِلَّا على مجَاز اللُّغَة من إِرَادَة الْمَفْعُول فِي ذَلِك كَمَا يُسمى مَا يفعل بِالْأَمر أمرا وَنَحْو ذَلِك