مسألةُ: قال: "والفرق بين أن يستطيب بيمينه فيجزئ وبالعظم فلا يجزئ"
وهذا كما قال الاستنجاء باليمين يكره ولكن لو فعل جاز. وقال 96 ب/ ا داود: لا يجوز لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى بينه وبين الاستنجاء بالعظم في النهي، وهذا غلط، والفرق ما ذكره الشافعي؛ وهو أن النهى هناك لا لمعنى يعود إلى الآلة لأن الآلة صالحة للاستنجاء وهو الحجر الذي في يده اليمنى وإنما النهي لمعنى الأدب فجاز، وفي العظم النهي لمعنى في الآلة فلا يجوز، وهذا كالوضوء لا يجوز بالماء النجس ولكنه يجوز بالماء في الإناء المغصوب وكذلك لا يجوز الذي بسن أو ظفر ويجوز بسكين مغصوب، وإن أثم بغصبه.
فإن قيل: أليس لو توضأ بالماء المغصوب يجوز فلم يجوز بالعظم إذا أنقى؟
قيل: لأن الاستنجاء بالجامد رخصةً للمشقةً فإذا كان محرمًا لم تحصل الرخصة، كسفر المعصية لا يترخص به بخلاف ذلك. وقول المزني والعظم ليس بطاهر غلط، وإنما قال الشافعي: والعظم ليس بنظيف. ومعناه أنه لا يخلو عن دسومةً وزهومةً فلا ينظف؛ لأن من العظم ما هو طاهر بمظهر. وقيل: إنه تعلل من المزني للعظم النجس.
مسألة: قال: "وَلَا بَأسَ بِالْجِلِد الْمَدْبُوغِ أنْ يُسْتَطَابَ بِهِ"
وهذا كما قال: الجلد على ضربين جلد طاهر وجلد نجس فأما النجس فلا يجوز الاستنجاء بلا إشكال. وأما الطاهر فعلى ضربين أحدها: أن يكون مدبوغًا والثاني: 97 أ/ 1 أن يكون غير مدبوغ، فإن كان مدبوغًا ففيه قولان: أحدها: يجوز الاستنجاء به سواء كان جلدها يؤكل لحمه أو ما لا يؤكل، وهو الأصح نص عليه في "الأم" كأنه إن كان لينًا فهو كالخرقةً، وإن كان خشنًا فهو كالحجر. والثاني: لا يجوز نص عليه في حرملةٍ لأنه كالعظم وقد الشاة فتؤكل بجلدها، وهذا لا يصح، لأنه لا يقعد الأكل في العادة فلا يعد مأكولًا، وهذا في جلد الميتةً بعد الدباغ: إن قلنا: يجوز بيعه يجوز الاستنجاء به قولًا واحدًا، وإن قلنا: لا يجوز بيعه فهل يجوز الاستنجاء به؟ ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز وهو اختيار ابن أبي هريرة؛ لأنه لما جعل في حكم الميتةً في تحريم البيع كذلك في تحريم الاستنجاء.
والثاني: يجوز وهذا لا يصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هلا أخذوا أهابها قد بغوه فانتفعوا به" وهذا هو من جملةً الانتفاع به بخلاف البيع. ومن أصحابنا من قال هذا على اختلاف حالين بالذي قال يجوز إذا كان قديمًا يابسًا والذي قال لا يجوز هو إذا كان طريًا لينًا وقيل: الذي قال يجوز أراد به ظاهر الجلد وخارجه؛ لأنه خارج عن حال