اللحم لخشونتهِ وغلظهِ. والذي قال: لا يجوز أراد به باطن الجلد وداخله لأنه باللحم أشبه، وهذا ليس بالشيء، وإن لم يكن مدبوغًا ولكنه جلد مذكاةً فيه قولان قال في "الأم" وحرملةً لا يجوز الاستنجاء به 97 ب/ 1 وهو أشبه الأشياء بالعظم، ولأنه طبعه طبع اللحم وهذا هو الصحيح. وقال في "البويطي": يجوز.
ومن أصحابنا: من قال: لا يجوز قولًا واحدًا، وأراد بما قال في "البويطي" بعد الدباغ؛ لأنه أطلق وبعد الدباغ يجوز قولًا واحدًا. وآما الجانب الذي يلي الصوف أو الشعر فلا إشكال أنه يجوز؛ لأنه يبقى وليس بطعام.
فرع
لو احترق العظم بالنار حتى ذهبت سهركته ولزوجته وخرج عن حاله، كان ميتًا لا
يجوز لأنه نجس، وإن كان مذكى ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز الاستنجاء به لأن النار قد أحالته عن حاله فصارت كالدباغةً قيل الجلد المزكي كما كان عليه إلى حال يجوز الاستنجاء به.
والثاني: لا يجوز لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الرمةً - والرمةً هي اسم البالي - فلا فرق بين أن يصير باليًا بالنار، والفرق بين النار في العظم وبين الدباغةً في الجلد، أن الدباغةً تنقل الجلد إلى حالةً زائدةً، فأفادت حمًا زائدًا، والنار تنقل العظم إلى حالةً ناقصةً فكان, أولى أن يصير حكمه ناقصًا ذكره في "الحاوي".
مسالة: قال "وَإنْ اسْتَطَابَ بِحَجَرٍ لهُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ كَانَ كَثلَاثةِ أَحْجَارٍ".
وهذا كما قال إذا استنجي بحجر له ثلاثة أحرف ومسح بكل حرف مسحة جاز، والعدد المشروط في الاستنجاء ليس 98 أ/ 1 عدد الأحجار؛ بل عدد المسحات بالمواضع الطاهرة. وقوله: إذا بقي أراد أن لا تصل النجاسةً من حرف إلى حرف آخر. وقال داود، وأهد الظاهر: لا يجوز ولا بد من عدد الثلاث، فقال الشافعي: أرأيت لو استنجى بثلاثةً مواضع من جبل أما يجزيه؟
وقد روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى أحدكم حاجته فليمسح بثلاث مسحات" ولأن القصد قلع النجاسةَ مع العدد. وقد وجد ذلك فإذا تقرر هذا فالمستحب آن يمح بثلاثةً أحجار متفرقةً نص عليه.
مسألةً: قال: "وَلَا يُجزِي أن يَسْتَطيبَ بِعَظْمٍ وَلا نَجِس".
وهذا كما قال: روى نجِس بكسر الجيم- وروى: نجَس بالفتح ومن روى بالفتح جعله صفة للعظم، فمعناه لا يجزي أن يستطيب بعظم وليس بنجس ومن روى الفتح جعله ابتداء نهى عن الاستنجاء بالنجاسةَ. وقد ذكرنا ما قيل فيه.