وهذا كما قال: إذا رأى هلال شوال وحده ورد الحاكم شهادته حل له أن يأكل حيث لا يراه أحد وهذا لئلا يلحقه إنكار من السلطان وممن لا يعرف حاله، وقال أبو حنيفة: لا يحل له أن يفطر بل عليه أن يصوم مع الناس فلو أفطر فلا كفارة. وقال مالك وأحمد لا يحل له 313 ب/ 4 الفطر ويخالف الابتداء للاحتياط وهذا غلط لأنه تبقيه من شوال فجاز له الأكل كما لو قامت البينة. وأما الاحتياط الذي ذكره فإنه ينتقض به إذا شك في الفجر يجوز له الأكل بالجماع والاحتياط بالإمساك.
فرع
لو رئي هذا الرجل يأكل فقال: كنت رأيت الهلال فإنه لا يعذر بل يعزر ولا يبلغ بالتعزيز الحد إلا أن يكون فطره بشرب الخمر فيحد ويندرج التعزيز تحته وإن أراد أن يشهد الآن لا تقبل شهادته لأنه منهم في دفع التعزيز عن نفسه ولا تقبل شهادة الظنين وهو المتهم والأصل في مثل هذا ما روي "أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه استأذن على عمر رضي الله عنه فلم يجبه أحد فأعاد الاستئذان مرة ثانية وثالثة فلم يجبه أحد وكان عمر في بيته مشتغلًا ببعض أشغاله ويسمع صوته فانصرف أبو موسى فبعث عمر في أثره وقال: ما دعاك إلى الانصراف فقال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان ثلاث مرات فإن أذن لكم وإلا فانصرفوا (1)، فقال ائتني بمن يشهد لك وإلا 314 أ/4 أذيتك فانصرف أو موسى إلى الأنصار وقال: من يشهد لي فقالوا: لا يقوم معك إلا أصغرنا فقام أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فشهد بذلك عند عمر رضي الله عنه لأبي موسى فقال: عمر لأبي موسى: أما أني لا أتهمك ولكن خشيت أن لا أراجع أحدًا في أمر إلا ويروي لي خبرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقبل رواية أبي موسى لأنه أراد أن يدفع عن نفسه بذلك عتاب عمر رضي الله عنه ذكره القفال.
مسألة: قال (2): وَلاَ أقْبَلُ علي رُؤيَةِ الهِلاَلَ للفِطْرِ إلاَّ عدلين.
قال المزني: هذا يقضي لأحد قوليه أن لا يقبل في الصوم إلا عدلان وقد ذكرنا هذا فيما تقدم واختيار المزني السوره بين الطرفين في الشهادة والفرق ظاهر وهو أن التهمة متمكنة في الطرف الأخير دون الأول.
مسألة: قال: (3) وإن صحا قبل الزوال أفطر وصلى بهم.
وهذا كما قال: أراد بقوله: صحا أي: صحت عدالة الشاهدين على رؤية الهلال قبل الزوال من يوم الثلاثين وإذا صح ذلك أفطر، وهذا يقضي صلاة العيد، واحتج بأنه لا يقضي 314 ب/4 بعد الزوال ولا يقضي بعد شهر وقد ذكر بعض أصحابنا
..... (4) وقال القفال: عندي ينبنى القولان في قضاء صلاة العيد على أن صلاة العيد كالجمعة لا تُقضى أو كسائر النوافل هل يقضي وفيه قولان.