مسألة: قال (1): وَمَنْ كَانَ عَلَيهِ صوم رمضان لسفر أو مرض فلم يقضه يقدر عليه حتى دخل شهر رمضان آخر كان عليه أن يصوم الشهر ثم يقضي من بعد الذي عليه ويكفر لكل يوم بعد.
وهذا كما قال: كل من أفطر في رمضان بعذر أو بغير عذر وأوجبنا عليه القضاء فوقت
القضاء ما بين رمضان الذي يقضيه وبين رمضان الذي يليه كان قضاؤه في وقت القضاء فلا شيء عليه وإن أخره عن وقته فإن كان لعذر مثل أن استدام السفر أو اتصل به المرض قضاه ولا شيء عليه وإن كان بغير عذر صام الشهر الذي أدرك عن فرضه ولا يجوز له إيقاع القضاء فيه كما يتذكر الفائتة في وقت لضيق الحاضرة فليس له الاشتغال بالفائتة وقضى الذي أفطر ولا يسقط عنه بتداخل الأحوال وعليه لكل يوم لأجل التأخير مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم. 315 أ/4 يتصدق به على مسكين واحد، ولا يجوز أن بدفع إلى مسكينين ولو دفع مدين ليومين إلى مسكين واحد جاز بخلاف ما لو دفع مدين من كفارة بمد إلى مسكين واحد لم يجز.
والفرق: هو أن كل مد يوم من رمضان كفارة على حدة فكأنه أعطاه من كفارتين بخلاف ذلك وبه قال مالك والثوري وأحمد وإسحاق والأوزاعي. وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة والزهري، وقال يحيى بن أكثم القاضي وحدثه عن ستة من الصحابة ولم يذكر أسماءهم.
وقال أبو حنيفة: لا فدية عليه وهو اختيار المزني وهذا غلط لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أفطر في رمضان لمرض فلم يقضه حتى دخل رمضان آخر صام الذي أدركه وقضى ما فاته وأطعم عن كل يوم مسكينًا" (2)، وقال بعض أصحابنا إنما قيد الشافعي من كان عليه ذلك بسفر أو مرض لأن من أفطر بغير عذر يتضيق عليه القضاء
عند الإمكان ومن أفطر بعذر كان في فسحة من قضائه إلى رمضان آخر لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان يكون علي الصوم من 315 ب/4 شهر رمضان فلا أقضيه لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدخل شعبان" (3) وهذا خلاف ما عليه أهل العراق.
فرع
لو أخره سنتين أو ثلاث فيه وجهان: أحدهما: يجب لكل سنة مد قياسًا على السنة الأولى، وبه قال عامة أصحابنا واختاره القاضي الطبري وهذا لأن كل واحد من المتأخرين لو انفرد لوجب المد فإذا اجتمعا لم يتداخلا. الثاني: وبه قال ابن سرج يكفيه مد واحد لأن القضاء موقت بما بين رمضانين فإذا آخر عن السنة الأولى فقد أخره عن وقته فوجب الكفارة وهذا المعنى لا يوجد فيما بعد السنة الأولى فلم يجب بالتأخير كفارة، قال القاضي أبو علي البندنيجي: هذا هو المذهب والوجه الآخر ليس بشيء وهذا أظهر عندي.