ذلك من يرتد ويدخل فيه قبل غروب الشمس من يوم العشرين بلحظة فإذا أهل شوال فقد تم العشر حكمًا, وإن نقص رمضان يومًا حتى يكون اعتكافه تسعة ولم يتمها حسابًا عشرًا وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "شهرا عيد لا ينقصان" أراد لا ينقصان حكمًا وثوابًا لا حسابًا, ثم إذا أهل شوال وإن كنا حكمنا له بتمام العشر فالمستحب أن لا يخرج من معتكفه ليلة العيد حتى 361 أ/ 4 يصبح فيخرج منه إلى العيد الشهر أو تم ذكره في البويطي.
ولو قال في نذره: لله على اعتكاف عشرة أيام فخرج الشهر في هذه المسألة ناقصًا يلزمه أن يكمل عشرة والفرق أن هناك علق بالعشر وهو اسم لما بين العشرين وآخر الشهر تامًا كان أو ناقصًا, وها هنا علق الاعتكاف بعدد فيلزم الإتيان بتمام العدد ويدخل في هذه المسألة قبل طلوع الفجر بلحظة لأن اسم الأيام يقع على بياض النهار, وإنما تدخل الليالي بين النهار تبعًا, وبقولنا قال أبو حنيفة ومالك والثوري, وقال الأوزاعي وإسحاق وأبو ثور: وهو ظاهر كلام أحمد يدخل في أول يوم الحادي والعشرين في المسألة الأولى واحتجوا بما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم اعتكف" (1) وهذا غلط, لما روى أبو سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الوسط من شهر رمضان فاعتكف عامًا حتى إذا كانت ليلة الحادي والعشرين وهي التي يخرج فيها من اعتكافه, قال: "من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر" (2) فوجه الدليل أنه أمرهم باعتكاف العشر 361 ب/ 4 الأواخر ليلة الحادي والعشرين واعتكف معهم فيها فثبت أنها أول العشر, ولأن كل ليلة هي تابعة لليوم الذي يليها في الحكم, ألا ترى أن ليلة رمضان تابعة له, فإذا لزم اعتكاف ذلك اليوم لزم اعتكاف ليلة, وإنما قلنا: يدخل قبل الغروب ليستوعب حكم النذر كما يلزم غسل بعض الرأس ليتوصل إلى غسل تمام الوجه.
مسألة: قال (3): وَلاَ بَأسَ أَن يَشتَرِطَ في الاعتِكَافِ الذي أوجَبَهُ أنه إِن عَرَضَ لِي عَارِضٌ خَرَجتُ.
وهذا كما قال: إذا نذر أن يعتكف عشرة أيام وشرط فيه شرطًا ثبت شرطه قولاً واحدًا وه مثل أن يقول: أُخرج لشهود جنازة أو لمقدم غائب, ويذكر في نذره, فإذا ذكره وخرج لم ينقطع تتابع اعتكافه, وإذا عاد إليه بعد الفراغ يبني على اعتكافه ويجزيه وهذا لأن الاعتكاف يجب بإيجابه فوجب على الصفة المشروطة, ألا ترى أن الوقف لما كان يجب بعقده كان وجوبه على حسب شرطه فإن قال: إن عرض لي عارض فيما ذكرنا قطعت الاعتكاف فإذا عرض عارض وخرج لم يلزمه إتمامه,