والفرق بين هذا وبين المسألة الأولى وهو أن هناك قال خرجت إذا 362 أ/ 4 خرج والخروج يكون مع بقاء حكمه والقطع لا يكون مع بقاء حكمه فافترقا ولو خص عارضًا مثل أن قال: اخرج لزيارة فلان لا يجوز أن يخرج رجل آخر وهكذا لو نذر صومًا أو صلاة وشرط إن عرض عارض خرج يثبت الشرط فيهما كما قلنا في الاعتكاف, ذكره وقال مالك: لا يصح شرط الخروج كما لو شرط الجماع والأكل في الصوم وهذا غلط, لأنه شرط الاعتكاف في زمان دون زمان فيجوز ويفارق ما ذكره لأنه شرط أن يأتي بمهني عنه في العبادة فلم يجز, وأما إذا نذر حجًا وشرط مثل هذا الشرط لا يجوز في أحد القولين, والفرق أن الحج يلزم بالدخول فإذا وجد العذر المشروط زال الإيجاب بالنذر ونفي الوجوب بالدخول فلم يكن له الخروج منه والاعتكاف لا يلزم بالدخول وإنما بالنذر فالموضع مستثنى من النذر فإذا خرج من النذر لم يجب لأجل الدخول.
فرع
لو شرط المحظور فإن كان ينافي الاعتكاف كالوطء فإن خرج بوطء بطل اعتكافه كالوطء في صومه, وإن كان لا ينافي الاعتكاف كالسرقة وقيل: التعيين المحرمة فشرط أن يخرج لأجله فيه وجهان أحدهما: يبطل اعتكافه لأن أشرط المعصية 362 ب/ 4 كلا شرط فصار بمثابة من خرج بغير شرط, والثاني: لا يبطل وبين لأن نذره إنما ينعقد على ما سوى مدة الشرط فلم تكن تلك المدة مقصودة بالعمل.
مسألة: قال (1): وَلاَ بَأسَ أَن يعَتَكِفَ وَلاَ يَنوِي أَيَامَاً مَتَى شَاءَ خَرَجَ.
وهذا كما قال: إذا أراد أن يعتكف فإن لم يكن نذر يدخل فيه ومتى أراد قطعه قطعة ويكون له اجر ما احتسب منه قليلاً كان أو كثيرًا لأن اسم الاعتكاف يقع على القليل والكثير, وقال ابن سريج: لا نريد بقولنا قليلاً ما يقع عليه اسم الجلوس بل ما يسمى به معتكفًا
... (2) ويقوم عقبيه فلا يجوز, وقال أبو حامد: أجاد ابن سريج في هذا, وروي عن يعلى بن أمية أنه كان يقعد في المسجد ساعة ينوي بها الاعتكاف, ومن أصحابنا من قال: أقله المكوث في المسجد مارًا كان أو جالسًا.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان أحدهما: يكفي ساعة مع النية, والثاني: يحتاج إلى يوم أو قريب منه ليخالف العادة وهذا غير صحيح والاعتماد على ما ذكرنا أولاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "من 363 أ/ 4 اعتكف قدر فواق ناقة فكأنما أعتق نسمة" (3) وإن نذر فإن أطلق يكفي ما يقع عليه الاسم على ما ذكرنا, وإن قدره في النذر يلزمه فما قدره قليلاً كان أو كثيرًا, ويلزمه في النية تعيين الفرص, وقال في البويطي: يستحب أن لا ينقص عن يوم وليلة وأكثره لا نهاية له وإنما استحب له ذلك ليخرج من الخلاف, فإن